Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

مديونية العراق.. جرس انذار

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 3:33 - 28/03/2017 - عدد القراء : 2213

تراكمت وترسخت اخلاقيات جمعية ورسمية تستسهل الاقتراض وتستصعب السداد. فالمديونية والأسر كانتا تاريخياً اساس استرقاق البشر واستعبادهم. لذلك حارب الاسلام الربا، وشجع المرابحة والقرضة الحسنة الهادفة. في بداية التغيير الغينا الديون الداخلية.. اما الديون الخارجية (120 مليار دولاراً)، فلا يوجد مفهوم “عقود الاذعان” التي تنظم علاقة الدولة بالاخر الداخلي، فكان لابد من خوض مفاوضات مضنية وقاسية مع الدائنين الخارجيين. قسمنا الديون لاربع جبهات. 1- جبهة الدائنين من دول نادي باريس.. 2- الدول خارج نادي باريس.. 3- الشركات والمؤسسات الخاصة.. 4- دول الخليج. بدأنا بدول نادي باريس الـ18 يومها و22 حالياً. والنادي جماعة غير رسمية لدول دائنة. توصلنا في 21/11/2004 لاتفاق بالغاء 80% من الدين، وجدولة المتبقي لمدة 23 عاماً، وبفترة سماح 6 سنوات.. وبموجب الاتفاق لا يمكن منح اي من الدائنين الاخرين شروطاً افضل من الاتفاق مع النادي. وهو ما سمح لنا باتفاقات ثنائية مع بقية الدول الدائنة، وقمنا بشراء دين الشركات والمؤسسات الخاصة بواقع 10 سنت لكل دولار دين، وبقي دين الجبهة الخليجية، الذي منعت التوترات السياسية من معالجته اسوة بالاخرين.

تشرفت بادارة الملف بصفتي وزيراً للمالية في حكومة الدكتور علاوي.. يساعدني الدكتور الشبيبي وفريق من المالية والبنك المركزي. وكما يحصل عادة زايد المزايدون، لكنه كان واضحاً انه بدون حسم الملف كان من المتعذر تصدير النفط بسبب الحجوزات المتوقعة، او الخروج من نظام العقوبات واعادة العلاقات الطبيعية مع الدول والمؤسسات العالمية. وبعدنا تابع الموضوع الاخوان علي علاوي وباقر صولاغ وزيرا المالية على التوالي. فكان الأمر برمته انجازاً كبيراً للعراق، وبلغت نسبة الخلاص من الدين بحدود 90% لتنازل بعض الدول كلياً عن ديونها، فاعتبرت العملية الاكبر تاريخياً للتخلص من دين بهذا الحجم، خصوصاً وان نسبة 80% لم يسبق ان اعطيت لدولة متوسطة الدخل كالعراق.

وبدل الاستمرار بتحرير انفسنا من الديون، او الجدوى في استخدامها، خصوصاً مع تحسن موارد الدولة (2004-2014) فان سياسات الصرف غير الراشدة، وعدم استثمار الاموال لانطلاق القطاعات الحقيقية المنتجة للثروات، والايغال في الموازنات المضخمة وكثرة التوظيف والنفقات الاستهلاكية، اضافة لكلف الحرب وانهيار اسعار النفط، عادت لتثقل علينا الديون الداخلية والخارجية مجدداً. فصار الكلام عن الاستدانة والاقتراض والدفع بالاجل وكأنه الفوز العظيم دون التفكير بالنتائج.. فحسب الاحصاءات الرسمية للربع الاخير للعام المنصرم انخفضت احتياطات البنك المركزي من 77 مليار دولار الى اقل من 50 مليار دولار، وارتفعت الديون الى معدلات مرتفعة. اذ يقدر الدين الداخلي 46، والخارجي 23 مليار دولار، يضيفون اليهما حوالي 41 مليار دولار من الدين الخليجي. لتصبح الديون بحدود 110 مليار دولار حسب وزارة التخطيط. لكن طرح الارقام بهذا الشكل يفتح الباب للتكهنات والحسابات الخاصة.

  1. منع توتر العلاقات السعودية/العراقية مناقشة الـ41 مليار دولار جدياً، وهناك احتمالان: أ- التعامل وفق “نادي باريس”، حسب شروط النادي نفسه، اي تخفيض 80%، وهذا يعني حداً اقصى للسداد مقداره 8 مليار دولار.. ب- مع تحسن العلاقات، اشارت تصريحات مسؤولين سعوديين، باتجاه تصفية الدين الذي اساسه 9 مليار دولار بدون فائدة قدمت قبل 1990 في فترة الحرب العراقية/الايرانية. وسيعني حذف الدين السعودي انخفاض الدين الى 69 بدل 110 مليار دولار.
  2. بالمقابل لا ندري ان كان 6.8 مليار دولار المخصصة في موازنة 2017 لسداد القروض وفوائدها محتسبة ضمن 23 مليار دولار. بل يذهب البعض لاحتساب 32.1 مليار دولار، والمدرجة في الموازنة لاستحصال موافقة البرلمان -استباقاً وحزمة واحدة- باعتبارها قروضاً سيادية.. والجزء الاعظم لهذه الديون لم تتحقق بعد. وهذا كله يشوش الرؤية لدى المختصين والرأي العام.

ان الشفافية والحقائق الكاملة افضل وسيلة لمواجهة تطورات هذا الملف الخطير والمقلق. ومهما كانت الحقائق قاسية، لكن شرحها للجمهور والبرلمان بهدف المعالجة، افضل من تركها للهواة والمبالغات. فكبريات الدول والشركات مدينة بديون هائلة، لكنها تنتج عموماً ما يفوق مبالغ السداد. والخشية، ان ترهننا ديوننا بسدادات تتجاوز مواردنا.

عادل عبد المهدي

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
29°
35°
Sat
36°
Sun
الافتتاحية