طور مهندسون أجهزة روبوت بوسعها أن تتطور وأن تحسن من أدائها، إذ يمكن لجهاز الجديد صناعة أجهزة روبوت أخرى أكثر تطورا منه في كل مرة.
والجهاز المقصود هو عبارة عن يد آلية يمكنها أن تبني أطفال روبوت -إن صح التعبير- كما يمكن لها أن تحسن من قدرتهم على الحركة دون أي تدخل بشري، وهو ما دفع البعض إلى تسمية تلك اليد بالروبوت “الأم”.وتتكون أجهزة الروبوت الأطفال من مكعبات بلاستيكية داخلها محرك، ويقوم جهاز روبوت أم بتكوين تلك الأجهزة الصغيرة ولصقها معا بأشكال مختلفة ليقوم نفس ذلك الجهاز في ما بعد بتقييم قدرة الأجهزة الأطفال على الحركة، كل ذلك دون تدخل إنساني، ليتمكن من تحسين التصميم بحيث يكون كل روبوت جديد يقوم بصنعه أفضل من السابق ويمكنه التحرك لمسافة أطول. وقام الروبوت الأم ببناء عشرة أجيال من الأطفال، وتمكن الجهاز الأخير من الحركة ضعف المسافة التي تحركها الروبوت الأول.وقد تبدو للملاحظ أن التشكيلات نفسها بسيطة إلا أن النظام ذاته عبقري لأنه يقوم على نظام تطوير ونمو ذاتي في استقلالية عن تدخل الإنسان وذكائه، فالعملية ترتكز على تصرف الروبوت وقدرته على التطور المتواصل الذي يجعل من الروبوت المصنوع أخيرا يفوق الروبوت الأول الذي قام “بصنعه” مقدرة وكفاءة أي أن الروبوت تطور ذاتيا ونمّى قدراته ولما لا تجاوز النقائص التي شابت الروبوت الأول “الصانع. يبدو الأمر كمشهد من أفلام الخيال العلمي، أجهزة روبوت تبني أجهزة روبوت أخرى، كل واحد منها أفضل من الجيل السابق.هذا هو ما قام به الباحثون في كمبردج وزيورخ، ونشروا بحثهم في دورية بي ال أو اس وان. والهدف النهائي من المشروع هو إنتاج أجهزة روبوت يمكنها التأقلم مع البيئة المحيطة بها. ولا مدعاة لأن يقلق هؤلاء الذين يخشون أن تسيطر أجهزة الروبوت على العالم والإنسان على الأقل حتى الآن.إن تشبيه الروبوت الأول بعبارة الأم يظل مجرد تشبيه، فمهما بلغت تلك الآلة من قدرة على التطور الذاتي وذلك بتصنيع غيرها من الآلات فهي بطبيعة الحال لن تكون قادرة على التواصل واختبار الأحاسيس والمشاعر التي ستظل الميزة الأساسية والخاصة بالإنسان والحيوان.العلماء يعتقدون أن أجهزة الروبوت تقوم بمهام متكررة، وأنها مصممة للقيام بعمليات الإنتاج على نطاق واسع، لكنهم يودون أن تكون قادرة على الابتكار والإبداع إذن فإن القدرة على النمو الذاتي وإن كانت ميزة قد تمكّن الروبوت من التطور فإنها لن تمكّنه أبدا من الحصول على الصفات الإنسانية وخاصة منها اختبار الأحاسيس والمشاعر ومنحها. إلا أن ذلك لا يمكن أن يقلل من أهمية المشروع أساسا من الناحية العلمية لما له من غايات وأهداف حددها بدقة العلماء الذين قادوا البحث.يقول الدكتور فوميا من جامعة كمبردج والذي قاد البحث مع زملاء من جامعة زيورخ “نحن نعتقد أن أجهزة الروبوت تقوم بمهام متكررة، وأنها مصممة في المقام الأول للقيام بعمليات الإنتاج على نطاق واسع، لكننا نود أن نرى أجهزة روبوت قادرة على الابتكار والإبداع.ويقول فوميا أيضا إن “أحد أهم الأسئلة في علم الأحياء هو تطور الذكاء. ونحن نستخدم أجهزة الروبوت لاستكشاف ذلك الأمر الغامض”. وأضاف أن أحد أهداف المشروع هو التعرف على الكيفية التي تتطور بها الكائنات الحية. ويقول أندريه روسوندو، وهو أحد المشاركين في المشروع، إن أحد الأهداف الأخرى للمشروع هو تطوير جهاز روبوت قادر على التأقلم مع المواقف المختلفة.ويقول روسوندو “تخيل أن روبوت يقوم بصنع سيارات في أحد المصانع ويمكنه أن يتلافى العيوب التي قد تظهر في السيارة ويقوم بإصلاحها. وفي مجال الزراعة يمكن لأجهزة الروبوت أن تجرب طرقا مختلفة للحصاد لمعرفة ما إذا كان بوسعها تحسين المحصول”.إذن إن وجود روبوت ينمو ذاتيا ويتطور في استقلالية عن التدخل البشري لم يعد مجرد شطحة من شطحات أفلام الخيال العلمي وإنما أضحى مشروعا علميا.وهذا الاكتشاف له مزايا لا يمكن إنكارها على البحث العلمي والتطور التكنولوجي خاصة في المجال الصناعي فالاكتشاف الذاتي للأخطاء والقدرة على تجاوزها تمكن المصانع التي ستستخدم هذه الآلية من تفادي الخسائر التي تتكبدها من وجود عيوب التصنيع.