الاتهامات المتبادلة والقرارات المرتبكة.. مياه البصرة، والكتلة البرلمانية الاكبر
الافتتاحية -
عادل عبد المهدي - 1:44 - 30/08/2018
-
عدد القراء : 5904
الخلافات بين المؤسسات المسؤولة والحاكمة امر طبيعي في جميع دول العالم، بما في ذلك في الدول الشمولية. الفارق الوحيد انها تجري في الأخيرة بشكل باطني وتآمري وبعيداً عن الانظار، بينما تجري في الدول التي تتمتع بالحريات العامة وتعتمد النظام الديمقراطي بما في ذلك الهش –كحالتنا- بالعلن وعلى رؤوس الاشهاد.
ولعلنا في العراق نمارس اكثر الاشكال تخلفاً للخلاف ولانتشار الاتهامات المتبادلة.. فما ان تحصل ازمة امنية او خدمية او اقتصادية او بيئية او فساد اداري او مالي وغيرها، ويشار للجهة المسؤولة، حتى تتنصل تلك الجهة وتلقي الاتهامات على الجهات الاخرى، لترد تلك الجهات بدورها، وليضيع المواطن بين هذه المؤسسة وتلك، وهذا المسؤول وذاك.. مما يطعن بالثقة بالمسؤولين ومؤسسات الدولة ويضعف الجميع دون استثناء. ولقد اشارت “المرجعية” في خطابها مؤخراً الى تحمل المسؤوليات والتوقف عن التنصل عن الواجبات والقاء المسؤولية واللوم على الاخرين. فالخلافات والاتهامات لا تطعن بمصداقية المؤسسات فقط، بل تقود بالضرورة الى تعطل وارتباك القرارات وتنفيذ المهام، مما يقود لاضرار مباشرة على مصالح البلاد والمواطنين. وهذان مثالان:
كان المطلوب في “ازمة مياه البصرة” ان تتعاون الوزارات المختصة فيما بينها، وفيما بينها مع الحكومة والادارات المحلية والدوائر المسؤولة والشركات والحراك الاجتماعي لمتابعة موضوعات الخزن والاسالة وتوزيع المياه الصالحة للشرب ومنع تلوثها واختلاطها بالمياه المالحة، الخ. لكن ما شهدناه للاسف الشديد قلة التعاون وكثرة تبادل الاتهامات في الفضائيات والاعلام والقاء كل طرف المسؤولية على الاطراف الاخرى. فضاعت الحقائق الواضحة وسط الضجيج، وكثرت الاجتهادات والمعلومات الخاطئة، مما أخر الحلول، بما في ذلك الممكنة والعملية والمتيسرة، وضاعف في معاناة المواطنين.
في 27/7 طلبت المفوضية الانتخابية من القوائم الفائزة تسجيل ما اسمته بـ”التحالفات البرلمانية”، وذلك قبل موعد الجلسة الاولى لمجلس النواب في 3/9.. استغربنا للامر واستفسرنا من مصادر المفوضية، وقيل لنا بان هذه الاجراءات تعطل اعلانها بسبب تعطيل عمل المفوضية، لذلك اعلنت حالما عادت لهم الصلاحيات. ورغم تعقيدات الاستمارات والشروط لكننا رأينا خيراً، معتبرين ان الاجراء قد يزيل الارتباك والاتهامات المتبادلة التي جرت في الدورة السابقة في تسجيل الكتلة الاكبر بين “دولة القانون” و”التحالف الوطني”. الارتباك الذي يتطلب التوضيح ان التوجيهات قد يفهم سريانها لما بعد الجلسة الاولى واعلان الكتلة الاكبر. فالتحالفات داخل مجلس النواب لا تتطلب الاعلان والتسجيل كلما اتخذ نائب او كتلة موقفاً من كتلته او مع الكتل الاخرى. فهي في حراك مستمر ويومي وتعتمد على المواقف المطلوب اتخاذها من سلسلة القضايا المطروحة في مجلس النواب. والمضحك/المبكي ان المفوضية تحتج على الايجاز الاعلامي لمجلس الوزراء الذي الغى عملياً اجراءات “التحالفات البرلمانية”، بل الغى عملياً عودة المفوضية لممارسة عملها لحين الانتهاء من التحقيقات، واعتبرت ذلك تدخلاً في شؤونها وتجاوزاً على مبداً الفصل بين السلطات، بينما تصدر من المفوضية اجراءات مفاجئة وغامضة، إن كان جانب منها مبرراً فان جانبها الاخر سيعتبر تدخلاً في عمل السلطة التشريعية.. وعندما نقول المضحك/المبكي فهذا لا يقف في حدود المفوضية بل يشمل بيان المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء في 28/8/2018 الذي اعلن فيه “ايقاف عمل اعضاء مجلس المفوضية.. لحين الانتهاء من التحقيق بجرائم التزوير المشار اليها بقرار مجلس الوزراء، وتعد كافة القرارات الصادرة عنهم باطلة”.. مما يعيدنا لنقطة البداية لموضوعات اعتقدنا انها حُسمت تتعلق بالانتخابات، واللجان التحقيقية، والعد والفرز، واعلان النتائج، وحل مجلس القضاة، وعودة مجلس المفوضية للعمل، وارساله قوائم الفائزين للمحكمة الاتحادية والتصديق عليها. فما قام به مجلس الوزراء سابقاً في موضوع الانتخابات والبيان الاعلامي الحالي بتداعياته المقبلة على الجلسة الاولى واجراءات اعلان الكتلة الاكبر يعتبر بوضوح تضارب مصالح Conflict of interest، فالسيد رئيس الوزراء رئيس احدى اهم القوائم، لهذا تاتي اعلانات مجلس الوزراء مربكة وغامضة ايضاً.