اعطى الرئيس “ترامب” الاوربيين 120 يوماً لادخال تعديلات، والا ستنسحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الايراني.. واشترط: 1- تفتيش كامل من مفتشين دوليين.. 2- ضمان عدم امتلاك ايران سلاحاً نووياً باي شكل كان.. 3- لا يتضمن الاتفاق اية مدة، خلافاً للحالي، ويعني عدم الالتزام العودة المباشرة للعقوبات.. 4- الربط بين الصواريخ وبرامج الاسلحة النووية (جديدة).
اصدرت الوكالة الدولية للطاقة 9 تقارير عن سلامة التدابير الايرانية.. يقول الايرانيون بوضوح ان عدم التزام امريكا سيعني عدم التزام ايران بدورها، ويرفضون اية اضافات. وتتمسك الامم المتحدة وروسيا والصين بالاتفاق.. وتمسك لقاء وزراء الخارجية الاوروبيين والسيد “ظريف” بالاتفاق. وصرحت وزيرة الخارجية الاوروبية بعد الاجتماع، “ان الاتفاق يحقق النتائج المرجوة منه”.. وصرح وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون “لا اعتقد ان احداً قدم بديلاً افضل”.. وقام الرئيس الفرنسي بالاتصال بـ”ترامب” ليحثه على عدم الانسحاب، وصرح مكتب “ماكرون” بان المكالمة اكدت “ان فرنسا تعبر عن تصميمها لتطبيق كامل للاتفاق، والتزام جميع الموقعين به”.
ساعدت اتفاقات الحد الكامل والجزئي على ابطاء انتشار التجارب والاسلحة النووية، لكنها لم تمنعها نهائياً. فما دام البعض يملك هذا الخيار فان الاخرين سيمتلكونه ايضاً إن دفعتهم مصالحهم لذلك. وتجربة كوريا الشمالية خير برهان، اذ طورت تجاربها وصواريخها رغم العقوبات والتهديدات.عدا ذلك كانت امريكا اول من اجرى تجربة نووية في 1945 واعقبها الاتحاد السوفياتي (1949)، وبريطانيا (1952) وفرنسا (1960) والصين (1964) والهند (1974) وباكستان (1998).. وكوريا الشمالية (2006).. اضافة لـ”اسرائيل وامتلاكها 80 راساً نووياً واكثر.
صرحت ايران مراراً ان برنامجها هو للاغراض السلمية.. ويعود بالاساس لمشروع سابق بدأ في 1970 اثناء فترة الشاه. ولو ارادات ايران السير في طريق القنبلة النووية، فنعتقد انه سيصعب على الاخرين منعها، كما عجزوا عن منع كوريا الشمالية. فالامر لا يقارن بما قامت به “اسرائيل” بتدميرها مفاعل “تموز” العراقي (حزيران 1981).. ولا يتصور احد ان اسرائيل لم تفكر بعمل عسكري، او ان الادارة الامريكية في فترة “اوباما” بعد كل الحصار والعقوبات لم تفكر بخيار مماثل ضد ايران. لهذا كانت مبادرة المفاوضات تأتي دائماً من الجانب الامريكي والاوروبي، وحصلت مفاوضات معقدة، ووقع الاتفاق في تموز 2015. وبعد التوقيع صرح الرئيس “اوباما” بانه “يلبي حاجيات امننا الوطني وحلفائنا” و”ساضع فيتو على اي تشريع يعطل تنفيذه” ونرفض اية “دورة جديدة من الصراع” وان هذا “ليس وقت التباهي والسياسة، وان لهجة حادة من واشنطن لا تحل المشاكل. وان القيادة والدبلوماسية الرفيعة تستطيع توحيد القوى االاساسية في العالم” القادرة على “ان لا تلجأ ايران لخيار السلاح النووي”.
ربط الملف النووي بحقوق الانسان، وبالاحتجاجات الاخيرة، سيواجه بتعبئة مضادة وستخسر الولايات المتحدة الكثير من نفوذها هي وحلفائها كما خسرت خلال العقود الاربعة الماضية. فامريكا تستطيع ايذاء ايران عبر العقوبات والتحريض، لكنها تعلم ان ايران تستطيع الرد بما لا تستطيع او يستطيعون تحمله ايضاً. فاستقبال نجل الشاه كزعيم جديد لاعمال في ايران، واسناد منظمات سبق لامريكا ان ادرجتها على قوائم الارهاب سيحرك قوى شعبية ايرانية ومناطقية مضادة اعظم بكثير، ويعبر عن تخبط سياسي ودورة جديدة من الصراع، كما كان يخشاها “اوباما”. فهناك بالفعل مشاكل وشكاوى ومصاعب اقتصادية وسياسية واجتماعية في ايران، لكنها امور موجودة في كل البلدان دون استثناء. وان السعي لاستثمار هذا النوع من الامور، وربطها بقضايا نووية وبخلافات وصراعات عالمية واقليمية والنظر لمصلحة “اسرائيل” فقط، هو سياسة خطيرة وجاهلة.. وان المغامرات انتهت دائماً الى كوارث على المعتدي، رغم كل الالام والمآسي التي تجرها على الشعوب.. لذلك نقول انه لا يوجد سوى طريق المنطق والمؤسسات والالتزامات المتبادلة والحوار والمفاوضات سبيلاً للعلاقات بين الامم.