Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

من تنحرف بوصلته يخسر معاركه. اليمن المثال الأخير

أعمال قديمة جديدة, الصفحة الاولى - عادل عبد المهدي - 18:11 - 22/01/2022 - عدد القراء : 7005

بسم الله الرحمن الرحيم

من تنحرف بوصلته يخسر معاركه. اليمن المثال الأخير

1-ستتغير الأسماء والتواريخ، لكن السيناريوهات والنتائج متشابهة.

2- خلال 1968-1979 جرت في العراق حملات عسكرية في كوردستان. اتفاقية 1975 مع شاه إيران. سجون، واعدامات ،وإسقاط جنسية، وتهجير، وهجرة جماعية. فقامت الثورة في إيران بتأثيراتها الإقليمية والدولية.

3- أُريد للعراق أن يكون رأس حربة. لم يستطع “البكر” تحمل المسؤولية، فتصدى لها “صدام”. فجعل إيران “عدواً تاريخياً”. فانحرفت بوصلته. واندلعت الحرب، وقدم الشعبان ملايين الضحايا، مع دمار البلدين. تلقى “صدام” دعم الجميع تقريباً، حتى عند استخدامه الكيمياوي. واحتفل بالنصر، عندما اعلن الإمام الخميني “تجرع كأس السم”.

4- بعد عامين، اجتاح “صدام” الكويت، في انحراف جديد. ومنها تقدم نحو السعودية والإمارات. ففرض “مجلس الامن” الحصار والعقوبات. وانقلب حلفاء الأمس إلى أعداء. واجتاحت القوات الأمريكية وحلفاؤها العراق. وفرضت الاحتلال باسم الأمم المتحدة، الحاضرة -غالباً- لتوفير الغطاء. ونشطت “القاعدة” وبقايا النظام. وقُتل مئات آلاف العراقيين من الحروب الظالمة والارهابيين.

5- في 2014 سقطت الموصل، واعلن “البغدادي” دولة العراق والشام، التي وصلت مشارف بغداد وأربيل. صدرت “الفتوى”، وهب الشعب كله، وتأسس الـ”ح..ش..د”، وتوحدت قوى البلاد، وتحررت الموصل وباقي المناطق. لم يستوعب البعض الدرس، ويلوّح الآن بإعادة عقارب الساعة للوراء، ويجعل هدفه أعداء “د..اع..ش”. وسيكتشف يقيناً بأن الخسارة مصيره، وستزداد مساحة وقدرة من يتمسك ببوصلته.

وفي سوريا انحازت دول كثيرة لدعم “النصرة” وحلفائها. فبهدف اسقاط النظام -رغم علاقاتهم الجيدة السابقة- عززت (الدول) دون قصد شرعيته. فصمدت سوريا وحلفاؤها أمام الارهابيين، كما صمدت أمام المخططات الاسرائيلية وحلفائها. وسوريا تنهض اليوم لتستعيد مكانتها، بينما تتشظى القوى التي عادتها.

6- في بداية السبعينات استقرت “منظمة التحرير” في لبنان بعد خروجها من الأردن. وبالتعاون مع الحركة الوطنية بقيادة “جنبلاط” الأب، أصبحت متنفذة خصوصاً شمال فلسطين. وأصبح هم “اسرائيل” إبعادها. فاقامت شريطاً وجيشاً ودويلة “لبنان الحر”. فانحرفت أطراف لبنانية معتقدة أنها ستحل بدعم “العدو التاريخي” مسألة الفلسطينيين. فاندلعت الحرب الاهلية. وحصل الاجتياح عام 1982. وجاءت الأساطيل الأجنبية، وأخرجت منظمة التحرير إلى تونس. وتوهموا -مؤقتاً- أنهم حققوا مآربهم. وإذا بالفراغ تسده قوى أكثر تجذراً وتنظيماً وقوة.

سألت مؤخراً سفيراً غربياً للبرهان على مصير سياسات البطش والطيش: لو عُرض على “اسرائيل” اليوم عودة المنظمة لجنوب لبنان كبديل لـ”حزب الله”، فماذا سيكون خيارها؟ فاجاب، بالطبع سترحب بذلك.

إن السياسات الطائشة لـ”الاعداء التاريخيين” وبطشهم، وانحرافات من يناصرهم، واستخدام الخداع وغسل العقول عبر وسائلهم المتمكنة، سترتد على أصحابها. وستولد الفراغات مما يوسع مساحات الأرض والجمهور والقوة. فالضربة التي تعبىء قواك وترتد على أصحابها، تقويك.

7- وقبل ساعات هاجمت “د..اع..ش” في العظيم/ديالى حيث استشهد (11) عسكرياً. خسارة عظيمة. وسواء أكان الهجوم للطبيعة الارهابية للتنظيم، أم هو بتشجيع طرف ثالث، لكنه كمحصلة، يحسم نقاشات بيزنطية في تنظيم خططنا، وتوحيد صفوفنا ،وتعبئة قوانا، كل قوانا.

8- وتستمر المآسي في اليمن العزيز. فما أن اندلعت “الانتفاضات العربية”، إلا وتقدمت قوى وتراجعت أخرى. وهنا أيضًا تم حرف البوصلة. وأغرقت الساحة بالحملات الإعلامية والتدخلات الأجنبية وقوى الارهاب. فاستمرت المعارك، بل وتتسع، ويفُرض الحصار. ويقتل الأطفال والشيوخ والنساء. أمّا النتيجة وبرغم كل المآسي، فستتسع مساحات وقدرات من يحترم بوصلته، وسيخسر من يخونها.

9- الخطاب لأنفسنا ولاخوان الدين والوطن، أن لا تعمينا اليوميات والتفاصيل. مع الاعتراف بأن لدينا جميعاً اخطاءنا، وبعضها كبير وفادح. وأغلبنا لا يسمع لمطالب وحقوق الآخر. ولكن هذه لا تعادل حرف البوصلة وجعل إخوان الوطن والدين “أعداء تاريخيين”، والاخرين “إخوان تاريخيين”. فلا المقاومة الفلسطينية ،وحزب الله ،وأنصار الله ،وفصائل ،وحركات المعارضة للظلم في بلدانهم ارهابيين. ولا إيران، وتركيا ،والسعودية ،وقطر، والامارات ، والبحرين وبقية بلداننا “أعداء تاريخيين”. هناك مظالم كثيرة، ومعارك ،وخسائر فادحة في العباد والبلاد. وبين دولنا وشعوبنا خلافات، وبعضها عميقة جداً ومعقدةٍ، ويجب حلها. فإن كنا فعلاً إخوانا في الدين والوطن، فستكون لنا مشتركات تسمح باتفاقات، مقبولة ومستدامة. وإلا سيستمر المشهد، وتزداد الفوضى والتضحيات. وستتسع مساحات وقدرات من تصحُّ بوصلته، وسيخسر من ينحرف عنها.

 

عادل عبد المهدي

22/1/2022

مقال3_1

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

Screenshot 2024-06-17 at 04.54.21

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
38°
42°
Sun
43°
Mon
الافتتاحية