Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

[easy-share buttons="facebook,twitter,google,pinterest,linkedin,print,mail" counters=0 native="selected" show_fblike="no" show_plusone="no" show_twitter="no"]

رحيل ومحطات… محمود درويش

رحيل ومحطات… محمود درويش
ادب وثقافة - اكرم الشيخ مقلد - 1:20 - 10/04/2016 - عدد القراء : 2659

نحن الان على موعد مع اليوم الثالث عشر.من اذار العام1941.تجمهرت بضع نسوة من قرية”البروة”في منطقة الجليل  ليشهدن ولادة الطفل(محمود  درويش) الذي غدا فيما بعد ….شاعر المقاومة الفلسطينية  باامتياز تلك محطته الاولى .ثم كانت محطته الثانية في قرية صغيرة جنوب لبنان بعد العام1948 ..وتتابعت محطات معانته فمن  موسكو   الى القاهرة  وهي من اهم مراسي حياته..حيث يذكر محمود بامتنان موقف  هيكل  الايجابي منه   فهو الذي عينه في الاهرام..وهناك  في قاهرة المعز لدين الله الفاطمي تعرف الى شعراء  وادباء كبار سمع عنعهم واعجب بهم في المقدمة منهم…نجيب محفوظ وعبد المعطي حجازي.وصلاح عبد الصبور.وامل دنقل.ولكن صاحب هذا الترحال القسري وهو في القاهرة كانت عيناه دائمة التطلع نحو  “ايقونة العرب'”بيروت  قبل ان تقتل بيروت بيروت.وعن احداث بيروت الدامية  في العام   1975 .يقول كنت اخجل من اللبناني ازاء الحواجز التي كان يقيمها الفلسطينيون في الارض اللبنانية.ويسالون اللبناني عن هويته طبعا لكل هذه الامور تفسيرات وتبريرات…ولكني دوما كنت اشعر بالخجل.
ان الذي منح درويش كل هذا الاهتمام وهذه الشهرة اضافة لابداعه الشعري هو انه عبر عن الروح الفلسطينية  .فمزج تاريخه الشخصي بنضال شعبه واستلهم تواريخ العالم ليضئ صراع وطنه ضد الاحتلال.مسجلا بذلك منفاه الذاتي والعام.لم يكن شاعر صالونات باذخة تستمتع بقصائده فئة من مثقفي  البهارج الوردية .بل كان قريبا لشعبه وحسه الانساني وهو يحلق بقصائد مثخنة بجراح وطنه…نعم دخل درويش عالمه الشعري من بوابة المقاومة لانها شكلت واشرف البوابات  اضافة لذلك فقد شكلت ضميره الناطق.  وهو ضمير امة باجمعها
يقول الكاتب المصري(حمزة قناوي) في مقالة له”في الكتابة عن محمود درويش يشتبك الاسطوري بالواقعي  بالرمزي  وبما هو ابعد من الرمز” لم يكن شاعرا استثنائيا في التاريخ العربي لوحده وانما اتسم بشمولية  منحته بعدا انسانيا. فهو سخصية  استطاعت التحليق بالكامل فوق الواقع العربي بكل تناقضاته.
لقد كان للحياة التي عاشها ..درويش ….اثرها في تشكيل منجزه الشعري كما شكلت تاريخه الشخصي وتاربخ وطنه  .فالشرخ الذي واكب حياته كان شرخا مواكبا لوطنه كذلك. لقد قبض محمود وبكل بسالة على(جمرة الهوية الفلسطينبة)
كثيرة هي الدراسات والابحاث النقدية  التي تناولت تجربته الشعرية  كثير من النقاد اعتبروه شاعر فلسطين وشاعر العرب وشاعر الانسانية  كما هو  لوركا  وبابلو نيرودا  وناظم  حكمت  وغيرهم من شعراء التوجه الانساني.فهولاء جميعا جمعهم قاسم مشترك اعظم هو عزفهم لسمفونية  انسانية .استطاع..محمود درويش.. تفجير قاموس اللغة لاقصى مدى متاح هذا ما فعله المتنبي قبله..فالعزف الداخلي في موسيقاه  تتقاطع انغامها  مع كل اتجاهات الشعر
ان الانجاز الذي يحق لمحمود ان يفتخر به هو كونه شاعر قضية عبر عنها بمفردات منفلته  ولكنه لم يكن بعيدا عن مفردات شعبه البسيطة فكان جمهوره النخب الفكرية وعامة الناس الذين يتكبدون مشقة الحضور للاستماع اليه. هذا كله جعله قريبا من الناس.ولانه رفد القصيدة بافاق لم يقتحمها  غيره من قبل. كثف قدرتها التعبيرية والبنيوية..فكانت حدائق شعره تعج بزهور استولدها فكانت بحق  ربيع القصيدة
هاجس درويش الشعري  كبف  تشكل
من الممكن القول ان ماتجاذب درويش من  محطات ورحيل ساهم بصورة وباخرى في تشكيل بصمته الشعرية والتي تميز شاعرا عن شاعر.ففي ديوانه-  لماذا تركت الحصان وحيدا- هو سيرة ذاتية تبحث عن خانة توضع فيها او تجد لها مكانا بين صنوف الشعر ففي قصيدته”تعاليم حو رية- وهو يخاطب امه فيها نوع من الخطابية
.. هل  تتذكرين طريق هجرتنا الى لبنان؟
حيث نسيتني ونسيت كيس الخبز  .كان الخبز قمحيا
ولم اصرخ لئلا اوقظ الحراس
حطتني على كتفيك رائحة الندى
يا ظبية فقدت هناك كناسها وغزالها
نتواصل مع محمود درويش بل نحن محمود درويش .فرحيله مفعم بالحزن المقدد برائحة الخبز الذي احرقه الشواء. من يفقد رغيف خبز يفقد وطنا..لا بيت  يأوي اليه لا اب يرعى
نفتح دواوينه المغلقة ونستل هذه القصيدة            ”  يوميات الحزن العادية؛
حين كنت صغيرا/كنت تخاف من القمر
لولاه لكنت يتيما قبل اواني
لم يكن قد سقط في البئر
كان اعلى من جبيني واقرب/من شجرة التوت
التي يتوسطها دار جدي
……وحين دوت اول رصاصة
دهشت لحفلة زفاف  تحدث في المساء
وحين ساقوني الى القافلة الطويلة
رافقنا القمرالى/طريق عرفت فيما بعد
ايها الصديق المنفى
يالعذاب  درويش وهو ينفي الطفولة عبر نفيه او اقصائه للمكان  .والقمر يجسده الاب وخوفه منه مع حبه ….ولكن القمر سقط وبقي وحيدا
درويش والقدر
منذ بدء الحبق الاولى للخليقة ارتبط القدر مع الانسان مع صدفة التكوين وكانها  سمفونية كما استلهمها …بتهوفن كذلك استلهمها …درويش في قصيدته …لاعب النرد…
انا لاعب نرد
اربح حينا واخسر حينا
انا مثلكم
او اقل قليلا
ولدت الى جانب البئر
والشجرات الثلاث/الوحيدات كالراهبات
ولدت بلا غرفة وبلا قابلة
وسميت باسمي مصادفة
وانتميت الى عائلة مصادفة
كانت مصادفة ان اكون
انا الحي في حادثة الباص
حيث تاخرت عن رحلتي المدرسية
لا ني نسيت الوجود واحواله
لا نترك درويش دون ان نراقبه وهو يهرول بالقصيدة الى ذرى قدرية موجعة تحبس بلهغة انفاسنا .كثير منا يتفق مع درويش ان القدر الذي جاء بشعب الله المختار  يرحل اصحاب  ارض بشتى الوسائل وكرد فعل غريزي للحفاظ على البقاء تولد روح المقاومة اذن هي محض قدرية كما يعتقد البعض التي جعلت من درويش  اله القصيدة الرافضة لكل ظلم ,هكذا اذن مضى “درويش” وهو الذي استفز كل جراح المعذبين لكي ينهضوا من جديد تدفعهم  بسالة مقاومة وتمرد غير خائفين اومستسلمين.ففي ايقاعات معظم قصائده  كان هنام شئ من الثورة بل التحدي غير المتكافئ ومع هذا انتصراخيرا  انه الموت السلطان يبيح لنفسه  ان يختطف قامة شعرية ونضالية مثل (محمود درويش)يقينا انه انتصر على موته المادي لان اجيال كثيرة لاحقة سوف تردد دوما قصائده…قصائد وطن مختطف.

blog comments powered by Disqus
[easy-share buttons="facebook,twitter,google,pinterest,linkedin,print,mail" counters=0 native="selected" show_fblike="no" show_plusone="no" show_twitter="no"]

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

Capture

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
19°
26°
Sun
25°
Mon
الافتتاحية