أمام معالي وزيرة الصحة السيدة عديلة حمود مهمة عاجلة وغير قابلة للانتظار طويلاً تتعلق بمعالجة وضع البدل المادي للكوادر الصحي المعطلة.. وإلا.. فإن الوزارة ستفقد اكثر من نصف جهازها خلال فترة قصيرة من الآن..
فقد شهد الكادر الصحي التابع للوزارة هجرة غير عادية في السنين الأخيرة.. بسبب إيقاف تلك البدلات تباعاً ودون تفسير منطقي مقبول.. علاوة على أن مرتبات الكادر الطبي بالوزارة ضعيفة للغاية مقارنة بمن يعملون في جهات حكومية أخرى.. فما بالنا بمن يعملون بالقطاع الخاص الأكثر إغراءً لهم وجذباً للأطباء والمختصين والفنيين من كادر الوزارة ..
صحيح أن الوزارة قامت بدراسة هذا الموضوع الحيوي المهم وذلك يعني إدراك الوزارة لهذه المشكلة وتصديها لها بالفعل .. ولكنها لم تقدم شيئا فعليا وأن ما يزيد من أهمية عمل اللجان المشكلة سابقا ومستقبلا هو مشاركة ممثلين من القطاعات الصحية ضمن تشكيلات الجيش العراقي وقوى الامن الداخلي وامانة بغداد وبقية الوزارات والمؤسسات الخدمية الاخرى..
ولكن الوزارة التي تقدم خدمات صحية ضخمة.. هي التي تكون الافضل وأن تلك البدلات ممثلة في بدل العدوى/ الإشراف الصحي / التميز/ التدريب / الطب الشرعي / والطب العدلي)، (العمليات الكبرى وفوق الكبرى / والعمليات الوسطى والعمليات الصغرى )… وايضا كل مايتعلق بمهنة الطب يجب تصحيحه وإلا فإن هناك بدلات أخرى أكثر أهمية لم يتم التطرق إليها حتى الآن.. ومنها بدلات الخدمات العالية في مراكز الطوارئ.. والعناية المركزة.. والاسعاف والخطورة الصادرة من جرائها وغيرها.
فضلاً عن تصحيح أوضاع الرواتب الأساسية للأطباء العراقيين مقارنة بما يحصل عليه أمثالهم من المتعاقد معهم من الخارج وتحديداً في الهند وايران او في باقي الدول التي يهاجر اليها الطبيب العراقي.. وهي أضعاف مرتبات من اقرانهم في نفس المؤهلات من أبناءنا الذين أبلوا بلاء حسناً في هذا المجال وحصلوا على أعلى المؤهلات ومن اكبر الجامعات و المراكز المتخصصة في العالم والحمد لله..
والحقيقة أن ما يدعو للتفاؤل بانفراج وحل هذه المشكلة المؤرقة لآلاف الأطباء والأخصائيين والفنيين.. هو تصدي الاقتصاد والتنمية في البلد لهذا الموضوع ومتابعته له وتوجيهه لتلك الجهات بسرعة دراسته تمهيداً للبت فيه من موعد أقصاه بداية العام القادم.. مثلا .
وإذا تم هذا بالفعل فإنه لا بد من صرف البدلات المستحقة بأثر رجعي لأن المئات من الأطباء تعرضوا لمخاطر عديدة أودت بحياة الكثيرين منهم في ظل تعرض بلادنا لأوبئة خطيرة. او الاعتداءات من قبل الجماعات الارهابية والتكفيريين او من قبل بعض العشائر او الفصول العشائرية او العداءات الشخصية او الخطف او الابتزاز، مما جعل الاطباء يهاجرون الى الخارج من اجل ضمان سلامتهم والعيش في امان والحصول على مردودات مالية افضل .
في هجرة العقول الطبية المتميزة تفقد الدولة والمواطن على حدا سواء كادر طبي متقدم اهتمت الدولة فيه من خلال الدراسة والتأهيل العلمي واذا بها تفقده بسهولة، بسبب ما اشرنا اليه في مقالنا، وعلى الدولة ان تهتم اكثر برعايتهم وحمايتهم لنكون في مصاف الدولة المتقدمة علميا وطبيا. بدلا من هجرتهم الى الخارج وبذلك نفقد كوادرنا التي نحن بأمس الحاجة اليهم في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.