Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

أفلام تعرض جدلية حياة الهولندي فنسنت فان غوخ وموته

أفلام تعرض جدلية حياة الهولندي فنسنت فان غوخ وموته
استراحة و فنون - 3:18 - 10/08/2015 - عدد القراء : 1396

تعود حياة الرسام الهولندي فان غوخ الغامضة إلى الظهور مجددا في صالات السينما، من خلال فيلم «فنسنت: حياة ووفاة فنسنت فان غوخ» للمخرج الأسترالي بول كوكس، وهو من أكثر المعجبين بهذا الرسّام، الذي يعد رمزا للعظمة الفنّية وتحوّله من رائد للرسم الحديث إلى أحد أهم رموز الثقافة المعاصرة.الفيلم الذي بدأ عروضه في الرابع من الشهر الجاري في صالات السينما الفرنسية، تم إنتاجه عام 1987 ويروي فيه ـ بما يشبه التوثيق ـ الممثل جون هيرت سيرة الفنان، من خلال الخطابات التي شرح فيها حياته وأعماله. ومن هنا نأتي على ذكر الخمسة الأفلام التي قدمت فان غوخ بكثير من الجدل، والتحولات التي طرأت على حياته وفنه وسر موته الغامض.عبر كاميرا «إيماكس» المخصصة للشاشات الكبيرة، تمكن المخرج برتراند من توثيق 40 عملا فنيا للأسطورة فان غوخ، وهو بالنسبة لصاحبه ليس فيلما وثائقيا إنما يروي قصة، موضحا «يتناول الفيلم سيرة الفنان المهنية ولوحاته التي بدأها في سن مبكرة، حينما بلغ السبعة والعشرين عاما حتى وفاته عن عمر سبعة وثلاثين عاما، في التاسع والعشرين من تموز/يوليو 1890. وعلى الرغم من أن حياته كانت بائسة نوعا ما، إلا أن التركيز انصب على جنونه في العمل، الذي اعتبره الفنان نفسه سببا في حياته. في عشر سنوات فقط تمكن من رسم 700 لوحة، كما قدم الفيلم الأماكن التي كان يستوحي منها حبه للطبيعة، وأفكاره الخلاقة في المواضيع التي رسمها».يظّهر الفيلم حياة الرسام الهولندي في الأسابيع الأخيرة من حياته في منطقة «أوفير»، حيث ركز المخرج على انتزاع صفة الجنون منه، وتقديمه كرجل طبيعي، قريب من الحياة الواقعية والحقيقة التي أدركها فان غوخ بعد تركه لمستشفى الأمراض العقلية في سان ريمي، وتوجهه لأوفير من أجل النقاهة والتفرغ للرسم.لم يحاول موريس بيالا تمجيد الرسام أو تعظيمه، بل روى مرارة حياة شخص ضعيف، شخص يعيش بعد موت روحي، وبالتالي لم يركز على فنه بقدر ما أظهر شخصيته الطريفة، في وقت يؤكد فيه الانسجام بينها وبين طبيعة المخرج الذي يميل جداً إلى الرسم، ويأمل عندما يتقاعد من عمله السينمائي أن يبتعد مع ريشته وألوانه ولوحاته لممارسة هذه الهواية، وهذا ما سهل عليه عملية التعامل مع فان غوخ، حيث أخذت الكاميرا لقطات ليده وهي ترسم وليس ليد الممثل دوترون.موريس بيالا قدم في فيلمه لحظة التفجر والإشراق عند الفنان، وليس لحظة الغروب أو احتضاره، لأنه في لحظة الإبداع لا يختصر مرحلة من حياته بقدر ما يختصر العمر كله.ألقى المخرج الأمريكي التمان الضوء على الحب الأحمق الذي جمع بين الأخوين فنسنت وتيو، حيث صرح في لقاء عن الأسباب التي دفعته لتحقيق هذا الفيلم «منحني فان غوخ السيطرة الكاملة لتقديم رؤيتي وتصوري، وأنا لا أسعى لقول الحقيقة أو لإقناع أي شخص، إنما تعلقت بأخطائه وحاولت تمجيد معاناته لا فنه».وفي الفيلم الذي يضج بمشاعر الرسام ومخاوفه وعبقريته، يلعب دور فان غوخ الممثل تيم روث في أداء ذكي جداً ورائع، ويؤدي بول رايس دور «تيو»وهو يعالج علاقة الرسام الخاصة مع شقيقه تيو، الذي تولى رعايته طوال حياته، حيث بعث له في أحد الخطابات يقول «إطعامك لي أبقاك فقيراً، فإنني سأرد لك المال أو أسلم الروح». وغوخ لم ينجح في إرجاع المال وأسلم الروح، وبالتالي أهدى شقيقه الخلود، تاركا له ثروة من الألوان والرسائل التي تضيف قراءاتها إبعاداً جديدة حول حياته.وضمت الخطابات المتبادلة بين فان غوخ وأخيه على كم هائل من المادة الخصبة شديدة الثراء والأهمية بالنسبة لفهم النفس الإنسانية عامة، ولفهم سيكولوجية الإبداع الفني خاصة. ومنها «إنني أطمح في التعبير عن الحب بين اثنين من المحبين، من خلال التزاوج بين لونين يكملان بعضهما بعضا وأن أعبر عن الأمل بنجمة ما، وعن توق الروح وطموحها بشعاع شروق الشمس».مفتون بحياة الرسام الغامضة ومصيره الذي طرح الكثير من التساؤلات، حاول المخرج مينيللي إعادة الحياة للفنان ولوحاته، موضحا، «أردت أن يبدو الفيلم لوحة فنية، من خلال إعادة إحياء السيرة الذاتية التي كتبها كيرك دوغلاس، والتطرق لجميع الأماكن التي زارها الرسام، من غرفة النوم إلى المقاهي في شوارع آرل والحقول في أوفير».كما قدم مينيللي فان غوخ كإنسان عبقريّ وفنّان مجنون، من خلال استخدام صور قويّة وشخصيّات دراماتيكية. في الفيلم يظهر الرسّام وهو يطلق النار على نفسه بينما يرسم لوحته المشهورة «حقل قمح مع غِربان». اللوحة تصوّر سماءً مظلمة ومنذرة بالخطر مع طريقين متشعّبين ينتهيان في نقطة ما من الحقل. علماء النفس حلّلوا رمزية هذا المكان مرارا، وتكهّنوا بأنه يمثّل تساوي فرص الحياة والموت، ويشي بأوهام فان غوخ وحتى باحتمال إصابته بالشيزوفرينيا.صدر هذا العمل للمخرج آلان رينيه بدعم من جمعية أصدقاء الفن، وحاز الجائزة الأولى في مهرجان فينيسيا عام 1948، وجائزة الأوسكار لأفضل فيلم قصير في بينالي البندقية عام 1950، لاستحضاره مصيرا فريدا من نوعه لفنان غامض، حيث اختار المخرج تصوير اللوحات الرئيسية بالأبيض والأسود في معرض في أورانجيري مبررا اختياره: «أثار اهتمامي الأبيض والأسود، مما سمح لي استكشاف الفضاء الحر كرحلة في جدول».في الفيلم الأول عن حياة فان غوخ اعتمد المخرج الفرنسي رينيه على أسلوب تصوير حياة الفنان والأماكن التي عاش فيها، من خلال أعماله فقط، واعتبر الفيلم تحفة فنية، لأنه يبين أن ما بين الموت الظاهري للداخل أو الماضي، وبين الموت النهائي للخارج أو القادم، انتحار، فإن مستويات الحياة الداخلية، وطبقات العالم الخارجية تتسارع وتتمدد وتتقاطع، بسرعات متصاعدة، وصولاً إلى الشاشة السوداء في النهاية، ولكن أي أشعة ستسطع ما بين الاثنين، والتي هي الحياة نفسها؟ يذكر أن فان غوخ ولد في بلدة «زونديت» في هولندا عام 1853 لأب يعمل قسيساً في كنيسة البلدة، وعندما بلغ السادسة عشرة من عمره اصطحبه عمه إلى مدينة «لاهاي» ليعمل معه في القاعة التي يديرها والمتخصصة في بيع الأعمال الفنية، سواء من الآثار القديمة أو من إنتاج الفنانين المعاصرين، وهي القاعة التي كانت تتبع مؤسسة «غوبيل» الشهيرة التي يقع مركزها الرئيسي في باريس. ومن خلال هذا العمل تعرف فان غوخ على عالم الفن وتحمس لبعض الأعمال ولبعض الفنانين، ولهذا بذل جهده في إقناع عملائه بشراء أعمال هؤلاء الفنانين، وبلغ من نجاحه أن قررت المؤسسة نقله إلى لندن ليدير فرعها هناك.واستمر هذا النجاح الذي صاحبه اهتمام «فان» بمظهره وأناقته الشخصية، إلى أن أحب إحدى الفتيات اسمها أرسيولا، ولكنه عندما طلب منها الزواج هزأت به وصدته في خشونة شديدة، ما جعله يصاب بما يشبه الهوس الديني، فبدلاً من أن يناقش العملاء عن جماليات اللوحات المعروضة في القاعة التي يديرها، أخذ يحثهم على الدين، مما جعل الشركة تنقله إلى باريس، حيث تدهورت حالته النفسية وانطوى على نفسه وأصابته الكآبة، وقرر الاستقالة والعودة إلى هولندا، حيث عكف على رسم الفلاحين الهولنديين وعمال المناجم والبؤساء، مسجلاً ما نقش في مخيلته من ذكريات في مجموعة من اللوحات الحزينة القاتمة القوية التعبير، وهي المرحلة التي يطلق عليها في فنه «المرحلة الهولندية»، التي امتدت ما بين عامي 1854ـ 1855 وفي العام التالي رحل فان غوخ إلى باريس للإقامة مع أخيه في أستوديو في حي «مونمارتر»، حيث كان أخوه تيو من تجار الصور المهتمين بتتبع الاتجاهات الحديثة في الفن، فقد كان مديراً لفرع إحدى المؤسسات الفنية.وسعد فان غوخ كثيراً بصحبة أخيه بعد ما قاساه من وحشة وحرمان وكذلك سعد بحياته الجديدة في باريس، فما لبث أن تغيرت ألوانه القاتمة وحلت محلها الألوان الزاهية البراقة، التي ربما عكست رؤيته للحياة في تلك الفترة، والتي اتجه فيها إلى دراسة النظريات والأساليب الفنية الجديدة ومناقشتها مع أصحابها، بل وتجربتها في لوحاته، كما تعرف خلال هذه الفترة على عدد من الفنانين الشباب ومنهم تولوزلوتريك وبول جو جان.واستمرت إقامة فان غوخ الأخيرة في باريس لمدة عامين، إلى أن قرر فجأة في فبراير/شباط عام 1888 السفر إلى بلدة «أرل» في مقاطعة «بروفانس» في جنوب فرنسا حيث الشمس الساطعة طوال النهار والألوان المتوهجة، وعكف خلال العامين التاليين على الرسم في سعادة وحماس لدرجة أن لوحاته في تلك الفترة تشع حيوية في ألوانها وشكلها.وفي هذه المرحلة دعا بول جوجان إلى الإقامة معه وهو يحلم بإنشاء رابطة للفنانين وبأن يكون منزله هو نواة تحقيق هذا الحلم، إلا أن العلاقة بينهما ما لبثت أن ساءت لدرجة أن فان غوخ بدأ يصاب بنوبات من الجنون والصرع، ولم يجد أخوه بداً من نقله إلى مستشفى للأمراض العقلية بالقرب من «أرل»، وهو المستشفى الذي مكث فيه عاما، وسمح له بالرسم فيها، فظهر في لوحاته بهذه المرحلة شيء من عنف نوبات الصرع التي تعرض لها، وعندما نجح أخوه في بيع إحدى لوحاته بمبلغ 400 فرنك، اقترح أن يستخدم هذا المبلغ في الاستشفاء بمصحة خاصة قرب باريس يشرف عليها الدكتور جاشيت وهو من هواة الفن، وقد أمضى هذا الطبيب أوقاتاً طويلة في صحبته، ولكن نوبات الصرع راحت تتوالى بانتظام، وسئم غوخ الحياة، فخرج إلى حقل مجاور وأطلق على نفسه الرصاص، ولكنه لم يمت على الفور، حيث نقله تيو إلى المستشفى الذي مات فيه بعد يومين وهو لم يتجاوز السابعة والثلاثين من عمره، بعد أن رسم أكثر من 700 لوحة وحوالي 1000 رسم.مات معدماَ، هزيلاَ، نحيلاَ، مهووسا، بعد أن طارده المرض وقذف به إلى مصحة عقلية، مات فان غوخ ليبدأ العالم تذكره وكتابة اسمه في قائمة الخالدين بأعمالهم، الآن لوحاته تقدر بملايين الدولارات.

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
32°
33°
Sun
32°
Mon
الافتتاحية