تتعرض الموظفة لينا زيدان، الأم لأربعة أبناء على مقاعد الدراسة، في بداية كل عام دراسي، إلى ضغوط صعبة، بسبب ارتفاع سقف طلبات أبنائها، خصوصا مع ظهور تشكيلات جديدة من موديلات القرطاسية بمختلف أنواعها والتي يواكبها ارتفاع للأسعار.وتوضح أنه مع إصرار بناتها على اقتناء ماركات بعينها، تجد نفسها أمام قائمة طويلة من الطلبات تتجاوز القيمة المادية التي تخصصها عادة بما يتناسب مع دخلها الاقتصادي. وتضيف أن الأمور غالبا ما تخرج على السيطرة؛ إذ تجد نفسها قد أنفقت جزءا كبيرا من ميزانية الشهر على حساب مصاريف أخرى أكثر أهمية، لافتة إلى أن هناك فوضى في الأسعار؛ إذ تتفاوت الأسعار بين محلات بيع القرطاسية الكبيرة والمولات، وبين غيرها من مكتبات القرطاسية الصغيرة.وتكثف محلات ومتاجر بيع الأدوات القرطاسية والمستلزمات الدراسية هذه الأيام استعداداتها لاستقبال الآباء وأبنائهم الطلاب والطالبات من جميع مراحل التعليم الدراسي، ممن يرغبون في الحصول على احتياجات ومتطلبات عملية تعليمية خلال العام الدراسي الحالي.وفي الوقت الذي يلبي فيه الآباء رغبات أبنائهم في شراء هذه المستلزمات، إلا أنهم يصدمون بمجرد معرفة قيمة المشتريات النهائية، محاولين إلقاء نظرة خاطفة لتفحص محتويات السوق من أدوات وكماليات وما يمكنهم الاستغناء عنه لتقليل قيمة الفاتورة أحيانا أو الخضوع للأمر الواقع بالدفع.ويؤكد الموظف ابراهيم العامري الأب لثلاثة أبناء بالمدرسة، أن بداية العام الدراسي الجديد تشكل عبئا كبيرا على كثير من أولياء الأمور، خصوصا مع وجود أشكال وأنواع من المستلزمات المدرسية التي تجاوزت الدفاتر والأقلام إلى كماليات تأخذ شكلا من أشكال الزينة والإكسسوارات.ويقول “عندما تحاول أن تشرح لأبنائك ما يجب عليهم اقتناؤه أو الاستغناء عنه كونه من الكماليات، وتفاديا للإسراف لا يبدي أي من الأبناء تفهما لذلك، بل يصرون على اقتناء جميع ما يرغبونه من القرطاسية وغيرها بدون وعي”.أما السيدة أم علاء وهي أم لطفلين في المرحلة الابتدائية، فكانت محلات القرطاسية في الشورجة الخيار المناسب لها، لمواجهة ارتفاع الأسعار في المكتبات بمنطقتها، موضحة أنها اعتادت في السنوات الأخيرة على التسوق في محلات القرطاسية في الشورجة ، لأنها لمست فارقا كبيرا في المصاريف بالنسبة لها، مع عدم وجود فارق في جودة البضائع.واشتكت ربة المنزل أم فارس من تنامي استثمار كثير من المكتبات ومحلات بيع القرطاسية إقبال الأطفال على اقتناء نوعيات مفضلة من الشخصيات الكرتونية أو التلفزيونية أو السينمائية، ومن ثم العمل على بيعها بأسعار كبيرة نسبيا، وبخاصة مع بداية العام الدراسي الجديد.وتقول “إن ذلك يفوق قدرة المواطن العادي؛ إذ قد لا يكون سعرها في متناوله، وبخاصة مع وجود أكثر من طفل في العائلة، في الوقت الذي تكون فيه هذه المستلزمات نوعا من الكماليات وليست حاجة ملحة”.وتضيف أن الأطفال يصرون عادةً على اقتناء حافظة الوجبات الغذائية والمشروبات، والملصقات وغيرها من الأدوات، رغم كونها ليست ذات أهمية كبيرة لهم، مشيرة إلى أنها تضطر لشرائها عندما تقع تحت إلحاح أطفالها، وحتى لا يكونوا أقل من مستوى أقرانهم الطلبة.خالد درويش صاحب إحدى المكتبات، يصف بداية العام الدراسي بالموسم الأكثر ازدهارا بالنسبة لهم، نظرا لإقبال المستهلكين لشراء مستلزمات واحتياجات الأبناء للدراسة.ويقول “نسعى دائما للتجديد في الأدوات، ويتوفر في المكتبة أنواع مختلفة من أدوات القرطاسية، كالحقائب وأنواع الدفاتر والأقلام والملفات والتجليد وحافظات الأقلام والألوان وجميع ما يحتاجه الطالب من أدوات قرطاسية، وهناك أشكال وتصاميم مختلفة تجذب الطالب وتشجعه على الدراسة، وأسعارها متفاوتة حسب بلد المنشأ والصنع”.وفي هذا السياق، تشير التربوية فريال احمد إلى أن القرطاسية جزء لا يتجزأ من العملية التعليمية الصحيحة، فلا بد من وجود قلم وقرطاس للكتابة عليه، ولكنها اليوم أصبحت إحدى الأدوات الرئيسية التي تستخدم كوسيلة ايجابية لترغيب الطلبة بالدراسة.وتضيف “لكن الصراع النفسي الشديد الذي يواجه الطفل والأهل في آن واحد عند دخول السوق يفوق التصور، فيقعون أسرى لعملية التسويق الذكية، ويتحول الموضوع من حاجة معينة إلى التركيز على المنتج والصور التي عليه، وقد تؤثر صورة ما أو شكل المنتج على القرار، فيتم إنفاق النقود على الشكل الخارجي وليس على المضمون”.ويمكن للأهل تحقيق التوازن بين رغبات أبنائهم وعدم التكلف في عملية الشراء، كما تقول، عن طريق كتابة قائمة محددة قبل الخروج إلى التسوق، وجعل الطفل ينتقي وفقا لرغباته التي تحقق الهدف من شراء القرطاسية، مؤكدة أهمية توعية الطفل بأن بعض الأسعار مرتفعة وقد يتوفر منتج بسعر أقل ويحقق الهدف ذاته مع عدم التركيز على المظهر الخارجي؛ إذ لا بد من توعية أبنائنا في مرحلتهم النمائية المبكرة بالتحكم في إرادتهم منذ الصغر للسيطرة على رغباتهم ضمن الواقع الذي يعيشوه.وتنوه إلى دور الهيئة التدريسية في توجيه الطلبة وأهاليهم لذلك، عن طريق الاجتماعات والحوارات البناءة وتحديد الهدف من القرطاسية والبساطة في التعامل مع هذه الأمور، والتركيز على موضوع التعلم وليس عملية شراء الأدوات، مؤكدة ضرورة بث نشرات توعوية تظهر كيف أن المسوقين يستهدفون المستهلكين بالترويج لبضائعهم وهذا يخرجهم على الهدف من عملية التعلم الرئيسية.