Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

اشكالية الاحزاب الايديولوجية في مرحلة الثورة والدولة

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 2:32 - 21/09/2017 - عدد القراء : 1965

تعتبر الاحزاب الايديولوجية (الدينية والوضعية) حالة مثالية وصلبة لمحاربة خصومها في حالة المعارضة او الثورة، لكنها تطرح اشكاليات اصعب في حالة الحكم والدولة.

تعتمد الاحزاب الايديولوجية في مرحلة الثورة والمعارضة في النظم الدكتاتورية والشمولية على صلابة عقيدتها ومجاهديها ومناضليها، وجمهور محاصر.. وكلما ازدادت صلابة العقيدة لدى كوادرها وقادتها وجمهورها المحدود، كلما كانت معاركها ناجحة وقادرة على مواجهة الاجراءات القاسية، وتقديم نماذج يقتدى بها من التضحية والصمود، لتعري تدريجياً تعسف السلطات وتخبطها والتشكيك بكل من يحيط بها، لتتحول هي الى اكثر الجهات التي تضخ بالمعارضين ضدها، وصولاً لحالة التوازن مع النظام، ثم الانتصار عليه، عندما تنحاز قوى وجماهير اكثر فاكثر للحراك الثوري وللمطالب العادلة. وهو ما سينقل البلاد لمرحلة النظام والدولة الجديدين.

ففي مرحلة الثورة كان بالامكان التحرك وسط اوساط محدودة وقليلة العدد لقلب موازين القوى، اما في مرحلة الدولة، فان البنية الفوقية ستحتاج ابتداءاً لدعم جماهيري واسع، ليس ممن يمسكون بالسلطة فقط، بل ممن يختلفون ويعارضون ولكن في اطار النظام ايضاً.. وسيعتمد فشل النظام ونجاحه على قدرة ايديولوجيته في احتواء الغالبية العظمى، والتي بدونها لن تنفع اجراءات السلطة من قمع وكم الافواه، مما سيحرك ضده (النظام) هبوطاً ذات العوامل التي تحركت ضده صعوداً في مرحلة الثورة.

  1. مرت الاحزاب الشيوعية والقومية (ومنها البعثية)، وكذلك الاحزاب الاسلامية بمثل هذه الاشكاليات عندما تسلمت الدولة مع احتفاظها بمناهجها الثورية. فحاولت –صدقاً او مناورة- توسيع  دوائر الاصطفاف والتأييد خارج قواها لاحتواء غيرها عبر مفاهيم الجبهات، والواجهات النقابية والمهنية والشبابية والجماهيرية.. او استثمار ولاءات الدين والعبادات والشعائر والوطن. فنجحت، بدرجات مختلفة، عندما تحقق: أ) المكاسب والمنافع للموطنين.. ب) ومنح الاخر نفس حقوقها او ما يعادلها. وتفشل عند التخلف في السياقين او احدهما.
  2. ستكبر الاشكالية ان لم تسمح الثورة والتغيير بتسنم مقاليد الدولة ابتداءاً لتنظيم الاوضاع من اعلى، ليصبح اللجوء لصناديق الاقتراع وتنظيم الامور من ادنى هو الطريق الوحيد لذلك، خصوصاً بالنسبة لبلد تعددي سكانياً وجغرافياً كالعراق. وهنا ستبدو الايديولوجيا وكأنها قيد يمنعها من كسب الاغلبية، لوقوف اصحاب المصالح والفكر والسلوك والعقائد والاديان والقوميات والمذاهب المختلفة بخلافها. بل ستختلف معها خطوط من ايديولوجيتها نفسها.. فيضيق وعاءها الانتخابي، لتصبح امام خيارين أ) العزلة والضعف.. ب) والتخلي عن النزاهة الفكرية والسياسية واللجوء للصفقات والخداع المسلكي واساليب من الفرض والسيطرة والاحتيال انتخابياً والمحاصصة واستخدام مصادر التسلط والقوة لمصلحتها. وهنا لن ينفع التلفيق بين ايديولوجيتها المتشددة في الغرف المغلقة، ودعواتها للانفتاح علناً. فاما ان تجعل وعاءها الانتخابي كل الشعب فتضحي بايديولوجيتها، او ان تتحرك ايديولوجيتها حقيقة، وليس مناورة، لوضع حلول تتكيف مع الاوضاع الجديدة، وتسمح لها باعتبار كل المواطنين وعاءها وهدفها.
  3. لا يوجد نظام واحد صالح وناجح يُستنسخ منه، ومن يغايره باطل وفاشل، بقدر تعلق الامر بمصالح الناس والتعبير عن ارادتهم ومستقبلهم. أ) وفي حالة الاسلام، فانه يمتلك كل المقومات لكي يعيش مرحلتي الثورة والدولة، ويقدم نماذج ناجحة فيهما، شريطة استخدام مفاهيمه فعلاً، وليس مفاهيم يسقطها البعض على الاسلام ليس الا.. ب) وان الدعوة لدولة مدنية في ظروف العراق، والتكيف مع هذه الدعوة، ستحفظ عقائد الناس وايديولوجياتهم وافكارهم وانماط عيشهم، ما داموا يحترمون الدستور والقانون الضامن لحقوق وعقائد الجميع.. ت) وان الثورة هي ليست احلال الجديد فقط، بل التقدم على القديم اساساً.. ث) وان الديمقراطية ليست صناديق الاقتراع والاحزاب والحريات والامور الشكلية والكمية فقط، بل هي المؤسسات والوعي العام، والالتزامات والمضامين الاجتماعية والاقتصادية والعلاقات الدولية والبشرية والطبقية والتمايزية (في الجنس واللون والهوية) وحماية الانسان والعائلة والطبيعة ايضاً.. ج) وان مفاهيم الديمقراطية نفسها بحاجة للتكيف مع تاريخ وواقع كل بلد، ولمجاراة التطورات المستمرة. فالسعي لكسب الصوت وتحقيق الاغلبية النيابية بدون موازنات مقابلة، قد يقود للتطرف والنزعات الشعبوية ومخاطبة عواطف الناس بدل عقولها ومصالحها المستدامة.. وهذا نقاش قديم/جديد.

عادل عبد المهدي

 

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

الطقس في بغداد

بغداد
23°
26°
الجمعة
27°
السبت

استبيان

الافتتاحية