بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم
يواجه مصفى كربلاء ازمة سداد مالي قد تتسبب بتباطوء المشروع، وتوقف انجاز مصفى كبير ومتقدم تحتاجه البلاد بسعة 140 الف برميل/يوم، بمستودعاته وخزاناته، ومحطة كهرباءه بطاقة 200 ميغاواط، و100 وحدة سكنية، وذلك وفق عقد EPC (Engineering, Procurement, Construction)، بين وزارة النفط، والائتلاف الكوري برئاسة “هونداي”، وبقيمة 6.04 مليار دولار ينجز خلال 54 شهراً. انجز منذ بدء العمل (28/5/2014)، 98.97% من التصاميم التفصيلية، و75.54% لشراء المواد والمعدات، و17.21% من التشييد، اي نسبة انجاز كلية فعلية 44.63% حسب التقرير الرسمي في 23/3/2017. وسدد العراق قيمة 2.1 مليار دولار ليومنا هذا، وبقي متخلفاً عن سداد حوالي 500 مليون دولار لهذا العام، وبالطبع 3.440 مليار دولار حتى عام 2021.
بدأت المشكلة مع تراجع الاسعار والموارد.. وتم الاتفاق (ايار 2016) بايجاد تمويل للمشروع، وبخلافه تسديد المبالغ بما يعادلها من زيت الوقود والنفط الخام، اي حوالي 50 مليون دولار شهرياً. كانت الامور تتلكأ بين اونة واخرى لتتراكم الديون. فكانت تثار شبهات فساد في اصل العقد، او ادعاءات ارتفاع قيمة العقد، مما اوجد نقاشاً جانبياً يضع الصعوبات امام النوايا المخلصة لايجاد الحلول. بينما يقول العقل والمصلحة بعدم ربط انجاز المشروع بهذه النقاشات. فاذا كان هناك فساد في اصل العقد فيجب التحقيق واتخاذ الاجراءات، دون ايقاف الاعمال.. اما ادعاء ارتفاع القيمة، فهو كلام متأخر، مع افتراض صحته. فلقد تم التعاقد الرسمي، عبر المناقصة وبمشاركة الشركة الاستشارية (تكنيب الفرنسية). قُدمت العروض الفنية (ايلول 2013)، والتجارية (تشرين الثاني 2013).. وفاز الائتلاف الكوري فنياً وتجارياً، على الائتلاف الصيني (6.167) والائتلاف الاسباني (7.1) مليار دولار. فاثارة التساؤلات قد يكون فيها حرص ومسؤولية، لكن ان تكون سبباً لتعطيل المشروع والتلكوء في السداد وايجاد الحلول، فهو ما يوقعنا في الهدر الاعظم والفساد الاكبر، لا سمح الله.
فالعقد مهدد، ما لم تحل المشكلة سريعاً. فان وصل الامر لتطبيق العقوبات القانونية ، فسيتكلف العراق عدة مليارات من الدولارات تعويضاً للمقاول والمواد وبقية الالتزامات، وضياع ما سدده فعلاً. فهناك (1) مليار دولار من المواد والمعدات المدفوعة الثمن وسط الصحراء وتحت اشعة الشمس والظروف المناخية واحتمالات العبث والسرقة.. اضافة للخسارة العظمى بعدم استكمال مشروع انجز نصفه تقريباً، وسيسلم نهائياً خلال (2-3 سنة).. مشروع كبير ومتطور، وصديق للبيئة، ووفق اعلى المواصفات العالمية، ومؤهل لاعطاء منتجات عالية الجودة. فالنقاشات العقيمة، وعدم اتخاذ القرارات الحاسمة والواضحة في الوقت المناسب، ستخسر البلاد مرة اخرى فرصة التخلص من اختناق كبير، خصوصاً بعد توقف مصفى “بيجي” عن العمل بسبب عمليات “داعش”. فالعراق استورد منذ 2003 وحتى نهاية 2016 ما قيمته 35.6 مليار دولار من المشتقات النفطية. وان بدء انتاج مصفى كربلاء من شأنه ايقاف استيراد البنزين كلياً، حيث معدل الاستيراد للفترة (2012-2016) هو 7679 م3/يوم، وانتاج المصفى هو 7978 م3/يوم وبنوعيات ممتازة.. وكذلك الكازاويل حيث انتاجه 4000م3/يوم، والاستيراد لنفس الفترة اعلاه 4833 م3/يوم، اضافة للغاز السائل والنفط الابيض ومشتقات كثيرة اخرى.. علاوة على العمالة والقيم المضافة الكبيرة التي سيدخلها.. وما سيعكسه من توجه صحيح بالاعتماد اكثر على المشتقات والسوق الداخلية، في ظروف سوق النفط الخام العالمي الراهنة، وعدم البقاء اسرى صادرات الخام فقط. فالوقت قد يكون متأخراً غداً.. والمطلوب قرار سريع وواضح خلال ايام ان لم نقل ساعات، من السيد رئيس الوزراء ووزارة النفط، للعمل وفق خطة التمويل المقترحة والمتفق عليها مع الجانب الكوري للسنوات القليلة القادمة، للتسديد عبر الخام وزيت الوقود والبنك الدولي ووكالة الائتمان الكوري، او استخدام سندات الخزينة المقرة في الموازنة والتي تتحرك بطلب من السيد وزير النفط وموافقة الاطراف المعنية.
وبمناسبة انقاذ مصفى كربلاء، نلفت الانتباه الى اهمية اعادة اصلاح وتشغيل مصفى “بيجي” عبر الاستثمار، وكذلك التفاوض مع المستثمرين في بقية المصافي ومشاريع “وسط التيار واسفله” (Mid and Downstream)، في المشتقات النفطية، والبتروكيمياويات والاسمدة، الخ.. والتي تقلل اعتماد العراق على تصدير النفط الخام، او استيراد المشتقات وغيرها.
عادل عبد المهدي
