Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

الاحباط والازمات.. امر سلبي ام ايجابي؟

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 2:31 - 10/09/2015 - عدد القراء : 1477

الاحباط قد يكون حالة فردية او نفسية.. وقد يكون حالة جماعية.. وقد يكون الاحباط سياسياً او اجتماعياً او اي امر اخر. ولقد انتشرت مؤخراً الكثير من حالات الاحباط، خصوصاً بين الشباب وفئات الشعب والقوى السياسية.. لكن الاحباط هو في النهاية مؤشر، او جرس انذار.. انه كالحمى قد تشير لامور بسيطة يسهل تجاوزها بمعالجات بسيطة، وقد تؤشر لامور خطيرة تتطلب عمليات كبرى.
واذا تركنا كل الحالات الاخرى ووقفنا عند الاحباط السياسي والاجتماعي الذي انتشر بشكل واسع في الفترات الاخيرة.. والذي يتسبب في بعض جوانبه بحركة هجرة ليس فقط بين الشباب بل بين العوائل ايضاً.. ومظاهر الاحتجاج التي لا تعكس التظاهرات سوى جانباً بسيطاً منها.. فهناك احباط لدى الموظفين والمتقاعدين.. وهناك احباط لدى رجال الاعمال والمهن، وهناك احباط لدى العاطلين.. بل هناك احباط لدى رجال السياسة والقوى السياسية.
فالاحباط مؤشر لازمة قد تكون بسيطة ومؤقتة ومحلية، وقد تكون معقدة ومزمنة وشاملة.. والاحباط باعتباره مؤشرا وعارضا يشير الى وجود ما هو اهم واعمق. وهذا امر ايجابي على الاقل من زاوية التحذير والانتباه وضرورة الاسراع في وضع المعالجات. ونعتقد بان الاحباط الحالي هو انعكاس لازمة معقدة وعميقة تولدت بسبب الانتقال من وضع مغلق واحادي الاداء لوضع جديد اكثر انفتاحاً وحرية وتعددي الاداء.
ان تحسن مستوى المعيشة وارتفاع معدل الدخل للفرد سنوياً من 600 دولار الى حوالي عشرة اضعاف هذا المبلغ للفترة بعد التغيير، وانفتاح البلاد على محيطها والعالم، وذهاب المواطنين بفترات دورية لانتخابات وسط اجواء من الحريات الواسعة ليس للاستفتاء على دستور وضعه ابناء الشعب العراقي او لاختيار ممثليهم فقط، بل للتعبير عن هويتهم ومطامحهم ايضاً.. نجاحات التأسيس هذه لم تمنع من ظهور فشل متزايد في الادارة والاداء العام. فشغل الصراع على المواقع وحل الازمات بالازمات، جُل اهتمامنا. فلم نوفر متطلبات ومستلزمات المرحلة الجديدة التي دخلنا فيها. فاضفنا للسلبيات القديمة سلبيات جديدة. وفشلنا في حل قضايا الخدمات والاقتصاد والنظام السياسي والعلاقات الوطنية والخارجية وقضايا الامن ودحر الارهاب. فالازمات والاحباطات الحالية هي ليست دليلاً على انهيار الاوضاع بقدر ما هي الدليل على فشل اساليبنا وخططنا في ادارة البلاد. وهو ما يتطلب من الجميع المراجعة الجادة والشاملة لتصحيح المسارات، والا ستتعمق الازمة، وتتعقد الامور اكثر فاكثر.
لقد مررنا في حياتنا السياسية بالكثير من الاحباطات والازمات.. وعشنا ظروفاً صعبة واصاب اليأس كثيرون، فتركوا الحياة السياسية والعامة. لكن الحياة لا تعرف التوقف، كما لا يعرف التوقف شعب قدم كل هذه التضحيات، وما زال يقدمها.. وكمثال نشير الى ما اصابنا بعد الانتفاضة الشعبانية وفشلها.. فهاجر وقتل وسجن وشرد وجوع الملايين، واصاب اليأس والاحباط شعبنا وقوانا.. لكن سرعان ما اتقدت العزيمة من جديد، وتغيرت الخطط، وتحول الفشل الى نجاحات كبرى قادت الى تحرير شعبنا من الاستبداد والدكتاتورية، وانطلق الامل من جديد، وتفجرت طاقات غطت تماماً على اجواء التشاؤم والاحباط.. قادت البلاد الى مسارات جديدة واعدة، وضعت الجميع امام مسؤوليات اكبر بكثير من مسؤوليات المعارضة. فالازمة الحالية هي ليست ازمة تراجع، بل هي ازمة تقدم،لم توفر متطلبات الحفاظ عليه وخدمته لتجاوز كامل سلبيات الماضي والدخول في افاق المستقبل.. فعلينا قلب المسارات، وسنرى كيف ستنقلب النفوس من التشاؤم الى الامل.. ومن اليأس الى التفاؤل.

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
21°
36°
Sat
36°
Sun
الافتتاحية