بسم الله الرحمن الرحيم
الاقتصاد الوطني بقيادة اصحاب الدخل المحدود (1)
يقود الرأسمال الاقتصاديات الرأسمالية.. وتقود ملكية الدولة الاشتراكية.. ويقود الاقتصاد الزراعي او الريعي او الصناعي او المالي او غيرهم او خليط منهم توجهات الاقتصاد ويشكل محورها لتدور حوله بقية النشاطات. أ) كان الاقتصاد الزراعي هو السائد حتى تموز 1958 وتصاعد واردات النفط.. ب) وبعده تحول لاقتصاد ريعي نفطي.. فشهدنا قانون 80 بتحديد الامتيازات النفطية، وتاميم النفط. والاصلاح الزراعي الذي دمر العلاقات المتخلفة القديمة ولم يبنِ الجديدة. فازدادت الهجرة، وأممت الصناعة الناشئة، والجزء الاهم للتجارة الخارجية والداخلية والحياة المصرفية والتعليمية والصحية، الخ.. واتسعت رقعة الحروب الداخلية والخارجية.. ت) وتحولنا لاقتصاد الحرب والتراجعات الكبرى، والتآكل المتزايد للاصول.. فكان التنازل عن نصف شط العرب، باتفاقية اذار 1975 بعد افلاس الخزينة وحرب كردستان، واندلعت الحرب مع ايران التي دمرت الراسمال البشري والاجتماعي والاقتصادي.. وتجاوزت النفقات العسكرية في منتصف الثمانينات الناتج الوطني الاجمالي.. فتراكمت الديون الخارجية والداخلية، لتأتي مغامرة الكويت والعقوبات والحصار ودينار “الرانك زيروكس” والتضخم الفلكي وانهيار مختلف القطاعات والبنى التحتية، الخ.. ث) والانتقال الى اقتصاد “مافيوي”/ريعي يعتمد كلياً على الموارد النفطية وطرق انفاقها السيئة.
ان من يفكر بالاصلاح ومحاربة الفساد دون ان يملك خلفية وفهماً لهذه الحقائق والحقائق المعاصرة، وعمقها واثارها، عليه ان يلملم اوراقه ولا يخدع نفسه والناس. فالاقتصاد معطل، والدولة التي كانت تحركه، لم تعد معطلة فقط، بل اصبحت من اهم عوامل العرقلة. فهل هناك تشخيص للقوة او القوى المحركة؟
كان من المؤمل من قوى ونخب 2003 تقديم الاجابات. لكنها انشغلت بالمواقع واهملت تصحيح المسارات. كان يمكن لموارد العقد الاخير تحقيق النتائج المطلوبة، لو كانت هناك فلسفة تشخص الجهة والقطاعات المحركة للاقتصاد. فبقيت الموازنات والمشاريع والقروض وانماط الانفاق وتشريع القوانين، وغيرها بدون ديناميكيات حقيقية، تصادم بعضها بعضاً، عاجزة عن تحقيق تراكمات ايجابية متتابعة. فتحولت الموارد لاموال سهلة وفساد ومحاصصة وهدر وصراعات ونقص خدمات وتخلف البنى التحتية. فاضيف للموروثات السلبية سلبيات جديدة، اضافة لخراب الارهاب والعنف، وهلمجرا.
عادل عبد المهدي