Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

الانطلاق الاقتصادي، اولوية القطاع الاهلي، وشراء الخدمات (5)

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 1:09 - 31/08/2017 - عدد القراء : 1637

دون التخلي عن عقلية ان الاقتصاد هو خزينة الدولة والقطع الاجنبي اي الدولار، فلن يتحقق اي انطلاق اقتصادي. فهذه نظرة متخلفة تعود لعهود سحيقة حيث كان الاقتصاد هو اقتصاد السلطان الجائر، يملأ خزينته بالذهب، ويرسل عسكره للحرب والاستيلاء على ثروات الغير واخذ الغنائم ولفرض الريوع والجبايات الجائرة. فالاقتصاد اليوم هو الاقتصاد والناتج الوطني الاجمالي والعمالة الوطنية.. وان ما يصنع الثروة والمكاسب والعملة هو النشاطات الاقتصادية، وتشجيعها ورعابتها، لا محاصرتها لتحتكر الدولة معظم الاصول او تمسك برقبتها، معتمدة على سلطاتها واستحواذها على الواردات النفطية. بل وعى الادب الاقتصادي القديم حقيقية ان المكاسب هي الاعمال، فيقول احد الولاة لعامل خراجه “ابقي عليهم لحوماً تنمو عليها شحوم”، فلو ذهبت اللحوم فلن تنمو الفوائض.. بينما يمارس اقتصاد الدولة عندنا سياسة الاستيلاء والتعسف، فلا يبقي لا شحوم ولا لحوم واحياناً لا عظام. مما يفسر ظاهرة هروب رؤوس الاموال والخبرات وضعف الاسواق والنشاطات، فالمشكلة ليست مزاد العملة، او الاستيرادات، فهذه كلها نتائج ومضاعفات ضعف الاقتصاد الوطني وتشوهه وفشله.

الاقتصاد هو الاقتصاد الكلي Macro-economy والجزئي Micro-economy، وان قليلين، من اصحاب القرار التنفيذيين والتشريعيين، او حتى بين الجمهور من يقدر اهمية هذه القضايا، ليس لصعوبتها، بل لاعتيادهم على مفاهيم “الاقتصاد السلطاني” ومعادله المعاصر “الاقتصاد الريعي”.

هناك معيار واضح يميز بين خطوات الاصلاح الاقتصادي الحقيقي وتكرار التجارب  الفاشلة. فكل ما يحرر الاقتصاد ويطلق النشاطات الاهلية والمجتمعية فهو خطوة للامام، وكل ما يعزز احتكار وسيطرة الدولة على حساب المجتمع هو تخلف، حتى وان حقق بعض الجبايات والموارد للخزينة. ليس لان الجبايات امر غير مهم، بل لان الجبايات هي نهاية الخط وليست بدايته، وهي وسيلة وليست هدفاً.

تضمن المنهاج الوزاري لحكومة السيد العبادي فقرة عن شراء الدولة للخدمات.. وهذا مدخل مهم لاعادة تنظيم علاقة الدولة ببقية الفعاليات المجتمعية ولتنشيطها واحتلالها مكانتها الصحيحة.. مع اهمية الحفاظ على قوة وفعالية ورشد القطاع العام لاحداث التوازن المطلوب انطلاقاً من ظروفنا الواقعية والبنيانية ولاعتبارات اجتماعية وسياسية. الاهم قلب المعادلة وتحرير الاقتصاد الاهلي من التبعية للدولة والقطاع العام، ومن كونه القطاع الثانوي والاخر هو الاساس. لابد من تفكيك احتكار الدولة للصناعة والزراعة والتجارة والمصارف والاتصالات والمواصلات والطباعة والاعمال البلدية والمياه والكهرباء والتعليم والصحة والكثير من النشاطات. وان تبدأ القطاعات الاهلية باخذ المبادرة في جميع هذه النشاطات بدعم وتشجيع الدولة، ونقل الكثير من قدراتها في هذا المجال لمؤسسات المجتمع الفردية والجماعية. وبجانب القطاع العام، ومؤسساته وما يوفره للمواطنين، يمكن للدولة ان تتحول الى مستأجر او مشترٍ للخدمات او للمقاعد الدراسية او للاسرة الطبية او للخدمات البلدية وسائر النشاطات الاخرى، كما يمكنها ان تمنح الاجازات للكثير من المشاريع في ادارة المطارات وانشاء الطرق والسكك الحديدية وكري الانهر، الخ.. فيربح المجتمع، وتربح الدولة، وتتوفر مجالات العمل، وتتراكم الاموال والخبرات والمكاسب، وتتقلص مساحات الفساد الاداري والمالي، ويتنوع الاقتصاد، ويحدث التناغم المطلوب بين القطاعين العام والاهلي (الخاص). فرغم كل الملاحظات الجدية التي يمكن ذكرها عن جولات الهواتف الجوالة، او الجباية الكهربائية، لكننا ان غادرنا عقلية ان كل شيء يجب ان يكون رعاية اجتماعية، فان التجربة بكلياتها وليس ببعض تفاصيلها، برهنت انها استطاعت القيام بما لم تستطع الدولة تحقيقه. فها هي خطوط الهواتف السلكية ما زالت عاطلة، كما لا زالت التجاوزات والنفقات الكبيرة في الكهرباء دون قدرة على توفيره بالمعدلات الكافية او السليمة للمواطنين. وقس على ذلك.

وكل عام وانتم والعراق والمنطقة والعالم بالف خير وخير

عادل عبد المهدي

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
34°
36°
Sat
37°
Sun
الافتتاحية