Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

الانطلاق الاقتصادي، بسياسة بدائل الاستيراد ومحفزات التصدير(4)

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 2:22 - 30/08/2017 - عدد القراء : 1644

يعاني العراق من ضعف قطاعاته الحقيقية، الزراعة والصناعة اساساً، والتي تدور حول 7% من الناتج الوطني الاجمالي (5% للزراعة، و2.3% للصناعة -التخطيط 2010)، بينما كانت تشكل 16.7% (5.1% للزراعة و11.6% للصناعة) في 1989.. وللمقارنة شكل سكان القطاع الزراعي عام 1957 حسب الدكتور محمد سلمان حسن 53.8% والقطاع الصناعي 14.7%، اي ان 70% من السكان كانوا يعتمدون الزراعة والصناعة في حياتهم، بينما يمثل النفط وموظفو الدولة اقل من 10%.

انقلبت الصورة اليوم، لمصلحة النفط والوظيفة. فالاموال الريعية السهلة، وتدمير العلاقات الزراعية، وتأميم الصناعة والمصارف والسيطرة على التجارة الاساسية، وهروب الرساميل والخبرات، والهجرة الواسعة من الريف، والحروب والحصار والعقوبات والارهاب والسياسات الفاشلة، دمر هذه القطاعات وجعل البلاد تعتمد على الاستيراد والواردات النفطية. وان مزيجاً ناجحاً من استراتيجيات “بدائل الاستيراد ومحفزات التصدير” Import Subsitution and Export Promotion يمكنها مع الاستراتيجيات الاخرى، ان تحقق نتائج مهمة لانطلاق القطاعات الحقيقية.

  1. ملخص استراتيجية “بدائل الاستيراد” انه بدل استيراد السلعة، تستورد او تنشىء مصانعها، او اجزاء مهمة منها. اما “محفزات التصدير” فيتم دعم الصادرات خصوصاً التي تتمتع بمزايا “الكلف المقارنة” لتحسين وتنويع مصادر الميزان التجاري. وابرز الامثلة عندنا قانون 52 لسنة 1959 بين العراق والاتحاد السوفياتي، او ما يسمى بمشاريع المرحوم “ابراهيم كبة”، والتي تحول بعضها مع العقود اللاحقة لعماد الصناعة العراقية المدنية والعسكرية.. بالمقابل جرت محاولات لتشجيع صادرات التمور، لكنها كانت بدائية، ولم تحقق النتائج المرجوة لبدائية الانتاج والتعليب الوطني اساساً.
  2. لاشك ان هذه الاستراتيجية، خصوصاً “بدائل الاستيراد” لم تكن بريئة او ناجحة دائماً.. فعندما بدأت في خمسينات القرن الماضي كانت الشركات الاجنبية هي الطرف الاقوى التي تفرض شروطها لابقاء سيطرتها على الاسواق والانتاج، فشهدت بعض التجارب فشلاً ذريعاً. لكن مع تراكم الخبرات، وتغير شروط الاقتصاد العالمي، باتت الكثير من الدول النامية في اوضاع تفاوضية افضل، يساعدها ضغط حقيقي على الشركات الكبرى للانتقال للدول النامية لاعتبارات اقتصادية وقانونية وضريبية وفي العمالة وفوارق الكلف، مما جعلها اكثر انسجاماً مع الاقتصاد الوطني، وليس نشاطاً فوقياً منعزلاً عنه، لذلك رأينا الكثير من التجارب الناجحة.
  3. لدينا في العراق اليوم “طلب فعال حقيقي” للمنتجات الصناعية والزراعية تتم تلبيته عن طريق الاستيراد معتمدين على الموارد النفطية.. وهنا تبدو فائدة استراتيجية “بدائل الاستيراد” و”تحفيز الصادرات” لاستقدام وانشاء مشاريع متكاملة او شبه متكاملة يمكنها ان تغطي قسماً رئيسياً من استهلاكه الوطني، وان تشجع الصادرات في عدد غير قليل من السلع التي يتمتع فيها بمزايا “الكلف المقارنة”، تساعده على تنوع اقتصاده ليخرج من الاعتماد الكلي على القطاع النفطي، اضافة لمساهمتها ببناء قاعدة اقتصادية، وتوفير عمالة وطنية وخبرات و”سر المهنة او الصنعة” Know how، الخ.
  4. هناك شقان لهذه الاستراتيجية.. يتجه الاول لتحفيز النشاطات الزراعية والصناعية والخدمية التي تستطيع بقدراتها المحلية من تلبية العديد من حاجيات السوق.. وهذه تتطلب رعاية وحماية بشرطها وشروطها، من السلع الاجنبية المنافسة، ونوعياتها، ولتمويل ومساعدة هذه المشاريع، انطلاقاً من حقيقة ان هذه النشاطات لن تبدأ من الصفر. بل ستفعّل منشآت وتجارب وخبرات سابقة تتوفر مقوماتها، لكنها معطلة.. ويتجه الثاني لتوفير بيئة تشريعية وأمنية مناسبة للشركات الاجنبية والوطنية ونشاطاتها في البلاد.. ولحين توفير البيئة المناسبة على صعيد وطني عام، سبق وطرحنا فكرة تأسيس “واحات استثمارية” بورقة رسمية في 22/6/2007 بعنوان “مناطق الاستثمارات الحرة او المستقلة (مام)”.. وهي مناطق مخصصة لهيئات الاستثمار الوطنية وفي المحافظات تؤسس بقرار منها وبادارة مستقلة، تمنح اجازة عبر نافذة واحدة، وتتمتع باستثناءات تشريعية مشجعة، وتتوفر فيها كافة مستلزمات الامن والبنى التحتية والطاقة والاتصالات والاقامة والعمل، والدخول والخروج الميسر، تتجاوز المعوقات العملية والاجتماعية والسياسية والفنية والقانونية، والتي يتطلب توفيرها للوصول للبيئة الاستثمارية المناسبة وطنياً، جهداً وتوافقاً ووقتاً طويلاً، فما لا يدرك كله لا يترك جله.

عادل عبد المهدي

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

الطقس في بغداد

بغداد
21°
26°
الجمعة
27°
السبت

استبيان

الافتتاحية