Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

العملة المشفرة، عملة حقيقية ام وهمية.. مفيدة ام ضارة؟ (2)

الافتتاحية - 22:29 - 02/11/2017 - عدد القراء : 449

بسم الله الرحمن الرحيم

العملة المشفرة، عملة حقيقية ام وهمية.. مفيدة ام ضارة؟ (2)

كل ما يُتفق عليه كـ”معادل” لسداد قيمة حقيقية لخدمة او لسلعة او دين، وله قابلية الثبات والحفظ والتجزئة والنقل ومقاومة التلف والتآكل هو عملة، مبدئياً واقتصادياً. فالبشرية انتقلت من “المقايضة” الى استخدام سلعة المعادن كعملة خصوصاً الذهب والفضة والنحاس وغيرها. وبقيت العملة المعدنية الى القرن التاسع عشر، مهيمنة عموماً، لكن تداولها تراجع كثيراً لمصلحة “العملة الورقية Banknotes” التي تصدرها المصارف، والبنوك المركزية، مقابل ما يودع لديها من ذهب مثلاً. استمر الحال، حتى اتفاقات “بريتون وودز” (1944) وولادة صندوق النقد الدولي، بمشاركة 44 دولة، ومثل العراق المرحوم ابراهيم كمال وزير المالية (1937-1938)، وتقرر تقييم العملات الاخرى بالدولار الذي بقي مرتبطاً بالذهب (35 دولار/اونصة)، لترتبط العملات الاخرى بالذهب، بشكل غير مباشر. وفي سبعينات القرن الماضي، وأمام الضغوطات الشديدة على الدولار، تم التخلي عن قاعدة الذهب، لتحدد قيمة العملة سلطة القانون والعرض والطلب والاحتياطات وقوة الاقتصاد الوطني.

وفر الانفكاك عن الغطاء والاحتياطات السلعية والمعدنية سيولات عالية تمثلت بالعملة الورقية والصكوك والكمبيالات والسندات والعملة الرقمية، الخ، لكنها بالمقابل غلبت الجانب الذاتي على الموضوعي، والوهمي والتجريدي على الحقيقي والمحسوس.. مما يسمح بقرارات ذاتية، تتعلق بقيمة العملة والضخ التضخمي والمضاربة بالوهميات والمديونيات الرقمية التي تسعى فيها مراكز السلطة والقرار على الانتفاع اكثر، وعلى ترحيل صعوباتها على شرائح اخرى، او بلدان اخرى

ولعل العملة المشفرة –ولو نظرياً- هي عودة للاساس الموضوعي، حيث اصدارها وقيمتها يحدده العرض والطلب، وكلفة انتاجها، والتعامل بها، والتي تنظمها التكنولوجيا والرياضيات وليست القرارات الذاتية.. وهذا يختلف عن العملات الاخرى بعد الانفكاك عن قاعدة الذهب، حيث اخترقت المفاهيم الوهمية والذاتية الكثير من عالم العملة. ويعدد انصار العملة المشفرة مزاياها التعاملية والنقدية: 1- عدم قابلية التغيير، فبعد اتمام العملية لا يمكن العودة عنها، لان المعادلة الرياضية تربط السلسلة بعضها ببعض بدون اية قدرة للتغيير.. 2- السرية.. فالمعاملات والحسابات لا ترتبط  بعالم الهويات. فالعملة تخزن وتتحرك بـ”بلوكات” بعناوين صعبة الفك. فالمعلومات يمكن تحليلها لكنه يصعب الربط بين الهويات الحقيقية. وان السرية يمكن ان تسمح، عند الضرورة، متابعة الجرائم الاقتصادية، ورمزها و”بلوكاتها” وتفاصيلها.. فتتفوق بذلك على الاليات الاخرى.. فكل شيء مسجل ولا مجال للتهرب من المسؤوليات.. 3- السرعة والعالمية.. فالمعاملة تنجز الكترونياً خلال دقائق ومع اية بقعة في العالم 4- الامان.. فلا تفتح الا بمفتاح خاص بالمشترك في نظام “كريبتوكرافي”.. 5- لا تحتاج للاذن، فهي برنامج (سوفت وير) مجاني متوفر للجميع.. 6- عرض العملة تحت السيطرة، ويمكن احتسابه ومعرفة حجمه الان وفي المستقبل.. 7- كل شيء حقيقي، والعملة قوية كقوة الذهب، فهي ليست عملة وهمية تكتسب قوتها من قرار السلطة، او من تآكل او مديونية تمتص قيمة العملة الحقيقية لحاملها.

رغم ذلك هناك صعوبات جمة. فرغم ازدياد الاقبال على العملة المشفرة، لكن السلطات والمختصين ما زالوا مشككين بامكانية استخدامها في الجرائم الاقتصادية.. كما ان معاملاتها عالية الكلفة، حالياً على الاقل. فحسب دراسة المانية، تكلف معاملة واحدة 35 يورو، وهذه اكثر من 20000 مرة كلفة معاملة بطاقة الكترونية (فيزا كارت).. فمعاملة “الفيزا كارت”، تتعامل خلال ثوان ودقائق مع مركز او مراكز قليلة لانجازها، بينما معاملة “بيتكوين” مثلاً، تتعامل، لذات الوقت، مع اجهزة كل المشتركين (الاف وملايين) في آن واحد.. لهذا الكلام عن ضخامة كلف الطاقة الكهربائية المستخدمة لتشغيل “السيرفرات الضخمة” والحواسيب.

استغرقت الـ”بيكتون” 8 سنوات لتعبر 100 مليار دولار، بينما تطلب الامر 17 و32 عاماً لـ”امازون” و”ابل” على التوالي. فالعملة المشفرة تتطور بسرعة، فما هو موقفنا وموقعنا منها؟ وهل ستكون احدى الوسائل لتحريرنا من التبعية للعملات الاجنبية والمعاملات الربوية والاستغلالية، ام ستزيد تبعيتنا، بسبب استمرار تأخرنا في الدخول الى مستلزمات العصر وتحديث عقولنا وامكانياتنا لنستطيع الاستفادة، او على الاقل المنافسة، او دفع الضرر، وهذا اضعف الايمان. (للبحث صلة).

عادل عبد المهدي

 

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

الطقس في بغداد

بغداد
25°
26°
الجمعة
27°
السبت

استبيان

الافتتاحية