يشكل المسيحيون ٣١.٥٪ (٢.٢ مليار) من سكان البشرية حسب تقديرات ٢٠١٢، يليهم المسلمون بـ٢٢.٣٢٪ (١.٦ مليار)، وغير المتدينين ١٥.٣٥٪ (١.١مليار)، والهندوس ١٣.٩٪ (١ مليار) والبوذيون ٥.٢٪ (٣٩٤ مليون)، وهؤلاء يشكلون ٩٠٪ تقريباً من سكان الارض، وعددهم اليوم ٧.٤ مليار نسمة.. والباقي لبقية الديانات.. اما اليهود فعددهم ٠.٢٪ (١٤ مليون).
وتؤكد الاحصاءات، ان عدد المسلمين سيعادل عدد المسيحيين في ٢٠٥٠.. والسبب ديموغرافي اساساً. فالمسلمون لديهم اطفال اكثر من الجماعات الاخرى.. وان كل امرأة مسلمة لديها كمعدل ٣.١ طفل، بينما المعدل ٢.٧ طفل/ام في المسيحية.. وان المعدل الكلي لغير المسلمين ٢.٣ طفل/ام.. وفي جميع المناطق الاساسية، فان معدل الخصوبة لدى المسلمين اعلى من غير المسلمين. فالمسلمون امم شابة، ومعدل العمر الوسطي لديهم هو ٢٣ عاماً، بفارق ٧ سنوات عن غيرهم، فهو ٣٠ عاماً لغير المسلمين، وذلك حسب احصاءات ٢٠١٠. لذلك سيزداد عدد المسلمين خلال العقود القادمة بمعدل ٧٣٪ (١.٦ مليار الى ٢.٨ مليار في ٢٠٥٠)، وهو اعلى بكثير من معدل ارتفاع سكان الارض الذي يقدر بـ٣٥٪ للفترة نفسها.
ان اسيا هي الموطن الاساس للمسلمين.. مع ذلك تشهد افريقيا والشرق الاوسط ازدياداً متسارعاً في اعداد المسلمين الذين يشكلون اليوم حوالي ثلث عدد المسلمين عالمياً. هذه الحقائق الديموغرافية لها اثار اجتماعية وسياسية واقتصادية وامنية وثقافية كبيرة، مما يتطلب ايلائها اعلى درجات الدراسة والتفكر عند دراسة وتقرير اي امر محلي او كوني.
سيرى كثيرون في هذه الارقام تقدم المسلمين. وبالفعل ففيها ما يشير الى ازدياد اهمية المسلمين مناطقياً وعالمياً، فهذه حقيقة لا شك فيها. ولكن من الناحية الاخرى يجب على المسلمين ان يقلقوا، بمقدار قلق الاخرين. فالعدد –كما يبرهن التاريخ والوقائع- ان لم يرتبط بالنوع والانجاز، هو دليل ضعف وليس قوة. فكثرة الفقراء، والشعوب المعدمة والدول المتخلفة لا تعطيهم ترجيحاً نوعياً يعكس ترجيحهم العددي. على العكس طالما تتحمل الاكثرية الضعيفة والمستضعفة اعباء القلة المتمكنة والمقتدرة. واذا اردنا ان نأخذ درساً نواجه عبره المستقبل، فيمكننا ان نأخذه من التاريخ نفسه. فعدا العامل الديموغرافي تحول افراد وجماعات وشعوب كاملة الى الاسلام لعاملين اساسيين.. الاول، الفتوحات وسياسات الضغط والقسر.. والثاني عن طريق النماذج الحضارية والعقلانية والتنويرية والتجارة والمصالح التي كانت سائدة عموماً بين المسلمين حتى العصور الوسطى، او “القرون المظلمة” بالنسبة لاوروبا. واذا نظرنا للامور نظرة عامة وكظاهرة كلية تستثني التفاصيل المضادة، فان البشرية دخلت القرن العشرين، واوروبا الغربية (مركز الحضارة) احادية الانتماء الديني تقريباً.. يقابلها عالم اسلامي توارث ان يعيش فيه (بكثير من العدل والظلم) المسلم والمسيحي واليهودي والصابئي والزرادشتي والبوذي والهندوسي وغير المتدين وغيرهم. فانفتاح المسلمين وتقبلهم للاخر، كان عموماً اكثر من غيرهم. وقرآنهم الكريم يتعامل مع الديانات الاخرى ويؤكد ان {لا اكراه في الدين}.. و{لكم دينكم ولي دين}. بل استمرت جاذبية المسلمين لفترات متأخرة.. وقد شهدنا خصوصاً بعد منتصف القرن العشرين اعلان الكثير من الفلاسفة والمفكرين والمواطنين اسلامهم.. واسلمت جماعات كاملة في مختلف القارات، وهو ما حصل مع الكثير من السود في امريكا، الذين اعتبروا اسلامهم سلاحاً ضد التمييز العنصري، كما تشهد على ذلك نشأة “امة الاسلام” لاليجا محمد، ومالكولم اكس، ومحمد علي كلاي، من رحم المسيحية او اللادينية.
تشير الدراسات ان المسلمين لن يخسروا في المجموع الكلي بسبب “التنقل بين الديانات”، بل سيزيدهم هذا العامل عدداً، خلاف المسيحيين الذين سيخسرون عالمياً حوالي ٦٠ مليون شخصاً للفترة (٢٠١٠-٢٠٥٠). بالمقابل سيخسر المسلمون خسارة نوعية كبيرة ان لم يعالجوا موضوع العودة الى الفعل الحضاري المتقدم، كما كان شأنهم في القرون الوسطى، وان لم ينزعوا لباس التخلف والتطرف، ويكونون هم اول من يواجه الفكر التكفيري واساليب القتل الجماعي وادخال الرعب في قلوب الناس.. وهو ما صار يضع حاجزاً وقلقاً ليس لدى الاخرين فقط، بل بين المسلمين انفسهم.
عادل عبد المهدي