Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

المعارضة ضرورة ويجب حمايتها، او تحفيزها، ان كانت غائبة

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 2:33 - 01/03/2017 - عدد القراء : 1445

يجري كلام كثير عن الاغلبية السياسية او الاغلبية الوطنية او الاغلبيات العابرة للمكونات وغيرها من مفاهيم تسعى لمعالجة ازمة الحكم، بعد تجارب وصلت نهاياتها تماماً من مفاهيم وتطبيقات الديمقراطية التوافقية، ومشاركة جميع الاحزاب والقوى في الحكومة. مما جعل مجلس الوزراء والحكومة من الناحية العملية منبر اختلاف وتصادم وعطل.. فلا يوجد منهج واحد للحكومة تتفق عليه القوى المشاركة فيها، بل تعددت المرجعيات وصارت الحكومة تلغي اليوم ما تقرره بالامس، او يلغي بعضها قرارات بعضها الاخر، او يصعب فيها اتخاذ قرار حقيقي فاعل واضح المعالم، مما ادخل البلاد بحالة من الفوضى واللاقرار او القرارات المبتورة وغير المدروسة. وبدل ان تساعد هذه الممارسة الى رص الصفوف وتوحيد القوى ساهمت بتفكيكها ونمو النزعات الفردية التي تسعى لمسك الدولة من مراكز للسلطة والقرار خارج مجلس الوزراء. وان ارتفاع الاصوات المنادية بالاغلبية لمعالجة هذا الوضع يجب ان لا يعني احلال اغلبية مصنّعة تقنن الخروقات والسيطرة والاستفراد الشخصي والحزبي والطائفي والاثني، بل اغلبية تلتف حول منهاج حقيقي تلتزم به قوى من عدة ساحات تستطيع به تنفيذ مهام العهد او المرحلة. ومن اول شروط الاغلبية الحاكمة هو وجود الاقلية المعارضة. فهذه وتلك شرطان لبعضهما، وضمانة لسلامة كامل المنهج. وان جدية الدعوة للاغلبية يرتبط بجدية الدعوة لبناء المعارضة وحمايتها وتوفير مقومات عملها وتقويتها في اطاراتها الدستورية في المجال التشريعي والجماهيري والنقابي والاعلامي ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية، الخ. فبدون تأسيس معارضة حقيقية وجادة سيكون الكلام عن تأسيس الاغلبية نوعاً من الالتفاف لتاسيس السيطرة والتفرد ليس الا. وبهذه المناسبة نعيد نشر افتتاحية نشرت في 4/9/2012 بالعنوان اعلان وبالنص ادناه بدون اي حذف او اضافة:

[“لتأصل انظمة الاستبداد لفترات طويلة، فقدنا اخلاقيات المعارضة وفقه الاختلاف.. وصرنا ننظر لكل معارضة وكأنها تآمر وعمالة.. واعتدنا السلطات الاحادية، فدخلت مفاهيمنا وتربيتنا وكأنها الامر الطبيعي وغيرها خلاف ذلك.. وفقدنا اليات وقنوات تأسيس وحماية معارضتنا الناجعة، مما يمنعنا من تأسيس اغلبيتنا الناجحة، والعكس صحيح.

فالمشكلة منذ تاسيس الدولة مشكلة المعارضة. فلا حكومة ناجحة دون معارضة ناجحة.. اذ جاءت حكومات مسالمة، فتغولت لتدحر المعارضة وقوى الشعب.. واسست حكومات مفتولة العضلات، ثم انهارت بانتصار الشعب والمعارضة عليها.

لقد قاتلنا -عن حق- لوضع دستور بمؤسسات تنظم حقوق المواطنين والجماعات، وتمنع الاستفراد او الارتهان.. سواء من فرد وحزب وطائفة ليتسلط ويحكم منفرداً باسم الاغلبية، او ليتمترس ويرتهن القرارات ويعطلها باسم الاقلية.. وقاتلنا من اجل انتخابات حرة، وتداول السلطة، واحترام حق الاعلام والتعبير والتوازن للجميع في مؤسسات الدولة، وفي الفرص والموارد. فعندما يعطل الدستور بتوازناته واحكامه.. ولا يستكمل، او يعطل، بناء مؤسساته كمجلس الاتحاد وقانون الاحزاب ومجلس الخدمة وهيئة الاقاليم والمحافظات، الخ.. وعندما تعرقل اجراءات المساءلة والاستجواب ونزع الثقة والتداول.. ونتجاوز على استقلالية الهيئات.. ونتدخل في شؤون القوات المسلحة والقضاء.. فاننا نجعل من السلطة والحكومة ومجلس الوزراء المكان الوحيد للاتفاق والصراع.. فيتعطل كل شيء، وتزداد حالات التذمر والشكوى. فالحكومة مكان القرارات والتنفيذ ووحدة الرأي وتطبيق المناهج.. ومجلس النواب مكان الاختلاف وظهور الاغلبية والاقلية ومنح الثقة وتشريع الامور ومراقبة التنفيذ.. وبقية المؤسسات اماكن لممارسة مختلف الصلاحيات والواجبات، ولاحداث التوازنات المقابلة المطلوبة او التغييرات المنشودة. فعندما تختلط الامور وتتشكل الحكومة من موالين ومعارضين، فستجري اعمال المعارضة والمشاكسة داخل دوائر الفعل والقرار فتعطلهما.. او لا توفر لها الحمايات والحصانات الدستورية فتجري خارج المؤسسات والقانون وفي خارج البلاد. فتزداد الاتهامات، ويتزعزع الاستقرار، وتتعطل المصالح وتتراجع الخدمات. عندها، سنكرر الحلقة المفرغة التي استهلكت قوانا وطاقاتنا في صراعات ابدية. فهذا عميل لايران وذاك لتركيا او للسعودية، الخ..  وسنستهلك انفسنا في نظم غير فاعلة او منتجة ولا تجدد نفسها.. وسنرهق الشعب وقواه في صراعات عقيمة.. وسنجد انفسنا نفاضل بين سيء واسوء.. وسيتراكم لدينا الدمار والفقر والضعف والتناحر. ولن يشعر اي منا بالعدل والرضا.. وسيفقد شعبنا واجيالنا الشابة الامل والتفاؤل.”]

عادل عبد المهدي

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

Screenshot 2024-05-16 at 00.19.17

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
33°
45°
Mon
46°
Tue
الافتتاحية