Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

الهوية الوطنية ام الهويات الخاصة؟

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 1:39 - 09/07/2017 - عدد القراء : 1964

موضوعة رافقت الدولة العراقية منذ تاسيسها وليومنا هذا، مع مراحل صعود وهبوط. فالهوية العراقية او الوطنية لم تكن دائماً عقداً بين اطراف المجتمع العراقي الذي هو مجتمع تعددي بطبيعته، بل كانت تفرضها اما سياسات القمع والهيمنة الداخلية والخارجية، او تلاقي بعض المشتركات والمصالح مؤقتاً في مراحل محددة. هذه الاشكالية تطرح نفسها بقوة اليوم. فكردستان تطرح الاستقلال.. والسنة يفكرون باقليم مستقل، وبمؤتمر لتنظيم صفوفهم.. والشيعة يجمعهم “التحالف الوطني” المنقسم على نفسه داخلياً لكنه يقاوم انقساماته لمواجهة الاخرين.. وكذلك التركمان والمسيحيين والازديين والصابئة وغيرهم. فالهوية العراقية ليست الاولوية والخيمة الكبيرة لجميع الهويات، رغم دعوة الكل لها.. فعندما نشعر بغبن حقيقي او وهمي، جزئي او شامل، فاننا نثور لهويتنا، وندعو لها بوسائل مخاتلة او علنية.

  1. لا يمكن للهوية الوطنية ان تكون حقيقية وفاعلة ان لم تشعر كل هوية ان حقوقها مضمونة بالهوية الوطنية. فعبثاً ما يفكر به البعض من ايجاد حالة عدمية تذوب او تلغى فيها الهويات في هوية وطنية عامة. فدول متقدمة وعريقة تعيش هذه الاشكالات كالمملكة المتحدة (ايرلندا واسكتلندا) او كندا (كوبيك) او اسبانيا (الباسك)، وهذا على صعيد المثال والهوية القومية. وستزداد الاشكالية تعقيداً عند طرح هوية الدين والمذهب واللون والهجرات والجنس والميول الجديدة، الخ.
  2. لا يمكن للهوية الخاصة لا ان تستولي على الهوية الوطنية، ولا ان تتمرد عليها وقتما تشاء وكيفما تشاء. فان حصل الامر الاول فان الامر الثاني سيكون نتيجة طبيعية.
  3. لكي تنجح المعادلة لابد من علاقة متبادلة وديناميكية. فتشعر الهوية الخاصة بان الهوية الوطنية ضامنة وحافظة ومشجعة لها، وتشعر الهوية الوطنية بان الهويات الخاصة هي اجزاء متكاملة، يقود سقوط اي جزء حيوي الى سقوط كامل البنيان. فالمجتمعات حقائق تنبض بالحياة.. تلد وتنمو وتهرم وتواجه مستجدات، فان لم تجدد نفسها تستهلكها الحياة. وإن توسعها او تفككها، سيعتمد على العوامل المتناغمة التي تنمو بين الهويات لتزيد قواسمهم المشتركة في الهوية الوطنية، او على العكس لتهدد هذه الهوية عندما تتغلب عوامل التصادم والنزاع.
  4. رغم ان كل الهويات تتحمل مسؤولية تقوية المشترك الوطني او اضعافه، لكن المسؤولية الرئيسية تقع على من يمسك بدفة التشريع والحكم والقرار. هكذا كان الامر في النظم السابقة فارتكبت خطأين. 1) الاستيلاء على الهوية الوطنية.. 2) تطويق الهويات الاخرى واضعافها. وهو صحيح ايضاً بعد 2003. فلقد تصاعد دور الشيعة –وهم الاغلبية السكانية- والكرد –وهم قوة صاعدة وطنياً واقليمياً- فكانت فرصة ذهبية لتصويب المسارات وبناء هوية وطنية تقوم على الفيدرالية واللامركزية وقوة الحكومة الاتحادية وضمان الحقوق والمصالح الحافظة جميعها لمختلف الهويات والضامنة لوحدة الشعب والبلاد.
  5. كان رد فعل السنة سريعاً، بدءاً من المقاطعة وصولاً للتمرد والقتال.. يقابلها ويتمترس بها اندفاع الشيعة والكرد بالانغماس في تعويض حقيقي او مفرط للغبن التاريخي، مما اضعف مباني الهوية الوطنية. فلعلاج عامود ملتو بشدة الى اليمين، فان عدم الوقوف عند نقطة الاستقامة والتوازن، ستجعل العامود ملتوياً بشدة لليسار، فتظهر انحرافات جديدة، وردود افعال مغالية، تزداد تطرفاً مع تداخل العوامل والمصالح الاقليمية والدولية.
  6. هل بقيت فسحة لاصلاح الامر؟ نعم.. ولكن كل شيء سيعتمد على جدية الارادات وشجاعة ووضوح الطروحات. واسباب الـ”نعم” عديدة، منها: 1) قد يكون للبدائل الاخرى اباء عراقيون وغير عراقيين، لكن ليس لديها رحم عراقي واجنبي حقيقي متكامل الشروط تنمو فيه وتلد منه، على الاقل حالياً. 2) المناهج الخاطئة والصدامات والحروب ارهقت الجميع، فتصاعدت الانقسامات داخل الهويات، لتصبح في احيان كثيرة، اكثر عمقاً من الانقسامات بين الهويات. فبدأنا نشهد طروحات وسياسات الدولة المدنية وعبور المكونات واللجوء للاخر، بدل الابتعاد عنه. فالشيعة يطرحون “التسوية” او “المصالحة المجتمعية”.. والكرد لا يرون استقلالهم غداً ويرونه عبر بغداد.. والسنة يعقدون اجتماعاتهم في بغداد، وقس على ذلك.. 3- ما تعرضه الهوية الوطنية اليوم اعلى على صعيد المصالح اليومية او الطموحات المستقبلية، مما تطرحه الهويات الخاصة، ولكن بشرطها وشروطها.

عادل عبد المهدي

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
27°
28°
Sat
31°
Sun
الافتتاحية