صدرت تصريحات حول انتقال ارهابيين لمنطقة دير الزور.. وصدرت قبلها تصريحات عن انتقال ارهابيين الى خارج الموصل وتلعفر وغيرهما. وبعيداً عن اي تبسيط، فالمعركة مع “داعش” تخفي معارك اخرى، لها جذورها وابعادها، في قائمة طويلة ومعقدة ومتداخلة بكل مستوياتها. فهناك اسرائيل ومواقفها الظاهرة والخفية، السياسية والعسكرية.. وامريكا والغرب ومن معهم.. وروسيا ومن معها.. والدول العربية والخليج باختلاف مواقفهم.. وتركيا وايران، اضافة للحكومات العراقية والسورية واللبنانية وجبهاتها الداخلية المؤيدة والمعارضة وما بينهما.. وهناك بالطبع “حزب الله” الذي لعب دوراً بارزاً خصوصاً منذ معركة “القصير”.. دون ذكر بقية القوى والمعارك.
كنا نتمنى على اخواننا اللبنانيين والسوريين اطلاع الجانب العراقي بالتفاصيل درءاً لسوء الفهم، عدا ذلك، لا مجال للتشويش والقول باحتواء “داعش”، وعبورهم للعراق. فسياسة “مناطق التهدئة” الاربعة، (ادلب، وحمص -اطراف من اللاذقية وحلب وحماة-، والغوطة الشرقية لدمشق، ودرعا والقنيطرة) والمقرة في “الاستانا” بداية ايار الماضي، برعاية روسيا وايران وتركيا، والمدعومة أممياً شهدت ممارسات مشابهة.. واعتبر نجاحها نقلة استراتيجية لموازين القوى، ولفرز الارهاب عما عداه، لتطويقه ودحره، وليس لاحتوائه.. ففتحت الباب لعودة الحياة والمساعدات ولحلول سياسية، كانت مستحيلة قبل أشهر. فلو كانت هناك قيادة مشتركة واحدة للمعارك بين البلدان الثلاثة، لاتخذت قراراً مشابهاً. ففي الجانب العراقي من الحدود تتقدم القوات العراقية والحشد الشعبي والبيشمركة، وتتقدم في الجانب الاخر للحدود القوات النظامية السورية وقواها الرديفة ومنها حزب الله بكثافة واستعدادات عالية تحت غطاء جوي روسي، بينما تتقدم قوات “سوريا الديمقراطية” والمعارضة السورية بغطاء امريكي. فهناك تسابق بين القوى المعادية لـ”داعش” لحسم المعركة والسيطرة على الارض، لطرد “داعش”، وتطهير الحدود العراقية السورية، مما يمهد للقضاء على بؤره المتبقية هنا وهناك، واحتلال مواقع القوة استعداداً للمفاوضات او التحاربات التي ستعقب “داعش”.
رفضنا اي تعريف للارهاب يتعدى قاطعي الرؤوس وحرق الناس احياء.. ولم نألوا جهداً للتقريب بين قوى المعارضة السورية الرافضة للارهاب والنظام.. ووقفنا ضد اي توتر وتصعيد مع السعودية وتركيا او غيرهما، ودافعنا عن تحسين العلاقات وتوطيدها. فالمعركة شاملة وتتطلب تفاهمات الجميع، في قضية الارهاب على الاقل، والصبر على الخلافات في غيرها. فـ”داعش” يجد مبرراته وحواضنه وثغراته عندما يختلف اعداؤه ويشوشون على بعضهم، ويشتد عليه الخناق عندما يجتمعون عليه، ولو بخلافات بينهم. فالمعركة واحدة وقواها مترابطة، ادركنا ذلك ام جهلناه.
عادل عبد المهدي