بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم
السوق العراقي
بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم
دعوات الاصلاح الرسمية والسياسية والشعبية.. اكثرها “جعجعة بلا طحين”
الافتتاحية -
عادل عبد المهدي - 1:04 - 27/07/2016
-
عدد القراء : 2094
الاصلاحات لا تحتمل التأجيل او المزايدات.. الوقائع باتت اكثر من مؤكدة، والانشغال بطروحات بعيدة تماماً عن الاصلاحات الحقيقية هو ملهاة وعبث سندفع جميعاً ثمنه. البلاد بحاجة الى تقدير موقف صحيح يتفق عليه اصحاب القرار وتقبله القوى والجماهير، ليتسنى طرح حلول جدية قادرة على حل المسائل الاساسية ووضع البلاد على سكة الخلاص والانطلاق. الاقتصاد مفتاح الحلول ومنظم بقية الاصلاحات، والانشغال عنه بغيره هو فقدان الاولويات والبوصلة:
سيبقى النفط طويلاً، لكن الاعتماد على موارده قد انتهى.. كانت “اوبك” قادرة على اعادة التوازن للاسعار.. فانتقل الدور اليوم للتكنولوجيا التي استطاعت انتاج النفط الصخري والرملي وغيرهما اضافة للبدائل الاخرى. امامنا معادلة جديدة: كلما انخفضت اسعار النفط فان الاستثمارات في البدائل النفطية وغير النفطية العالية الكلف ستتراجع، مما يدفع الاسعار للارتفاع، وكلما ارتفعت الاسعار ستزداد الاستثمارات في تلك البدائل فيزداد العرض وتبدأ الاسعار بالانخفاض، وهكذا دواليك متسببة بانخفاض تدريجي لكلف الاستثمار والانتاج في النفوط البديلة. عليه حتى مع ارتفاع صادراتنا وافتراض وجود الاسواق لها، فانها لن تعوض انخفاض الاسعار. من هنا الاستنتاج الموضوعي في اطار الوقائع، واستمرار الركود الاقتصادي العالمي، ودون حصول تطورات جديدة، فاننا يجب ان نتوقف عن الاعتماد على النفط كما اعتمدنا عليه خلال نصف القرن الماضي.. فاسعار النفط للسنوات 3-4 القادمة على الاقل، قد توفر بالكاد متطلبات الرواتب والتقاعد وغيرها من التزامات لابد من سدادها. فكيف سنواجه اذن الزيادة السكانية (مليون سنوياً وفي تزايد) والبطالة المليونية المتنامية، ناهيك عن متطلبات الخدمات والتنمية التي تخلفنا فيهما كثيراً.
ما هي الحلول؟ السيطرة على النمو السكاني لتتناسب الموارد مع العدد السكاني؟ تخفيض النفقات والامتيازات ومستويات المعيشة ليتسنى توزيع الموارد للجميع؟ اللجوء للاقتراض والاعانات الدولية؟ وغيرها من حلول بعضها صحيح، لكنها جزئية ومؤقتة وبعضها تخذيرية وترقيعية، تعتمد جانب النفقات ولا تتناول جانب الانتاج.
لا حل الا بالاستثمار لزيادة الناتج الوطني الاجمالي والعمالة. كثيرون يتفقون وذلك، لكنهم عند بدء النقاش الجدي تراهم يتجهون لمطاليب وشعارات بعيدة عن الاستثمار المطلوب تماماً.
ولمعالجة الوضع بسرعة امام الخطر الداهم، هناك سياسة متكاملة جديدة يجب تبنيها، وعقل جديد يجب ان يسود بين المسؤولين والقوى السياسية والمواطنين. نحن بحاجة لتشريعات وضوابط (او تفاسير ايجابية لما هو موجود) نحو سلوكيات جديدة شفافة وواضحة تزيل كافة العقبات الادارية والتنفيذية امام عمليات الاستثمار.. وكأمر عملي وفوري يجب ان يمنح القطاع النفطي الانتاجي واي قطاع انتاجي زراعي او صناعي او خدمي، عام او خاص، اعفاءات كاملة من الروتين القاتل والضوابط والتعليمات التي بنيت على التضييق على الاستثمارات، فيسمح لها بالتعاقد والتشارك والاقتراض للاستثمار في كل ما يمكن ان يحقق للبلاد موارد وعمالة اضافية. اي ان نقلب المعادلة الحالية التي تحاسب اولاً في النفقات، “فتلاحق الفلس لتخسر الدينار”.. لتحاسب اولاً كل من يعيق الاستثمار والانتاج، ولتدقق وفق قواعد واصول حديثة تتبعها الدول، بدل ممارساتنا التي راكمت انظمة بالية انسجمت مع الاقتصاد الاحادي النفطي وتجربة الاقتصاد المركزي الموجه المحتكر. وعندما نقول محاسبة كل من يعيق الانتاج فهذا ينطبق على تعليمات التعاقد والاحالة ومشاكسات الوزارات فيما بينها، ومشاكسات الدولة للقطاع الخاص، ومشاكسات البيئة الاجتماعية والسياسية للاستثمارات. وان يصبح الهدف الاول والوطنية الحقة كل ما يشجع العمالة وزيادة معدلات الناتج الوطني الاجمالي لتأتي زيادة موارد خزينة الدولة كنتيجة وليس كسبب اساس.
ولتحقيق ذلك يجب استثمار الموارد المتأتية والاصول والاموال المنقولة وغير المنقولة للدولة والمواطنين وزجها لاستثمار مواردنا الطبيعية وثرواتنا البشرية والدينية والحضارية والموقعية الكبيرة.. ويجب دعم المصارف الاهلية والعامة للانطلاق في سياسة جذب رؤوس الاموال والاقراض وفتح فرص الاستثمار.. عندها سنرى ان الاموال لن تهرب من البلاد، بل ستعود اليها سواء اكانت اموال عراقية ام اجنبية. وستصبح موارد النفط والقروض الاجنبية وغيرها عاملاً ايجابياً ومنقذاً لاقتصاد البلاد وليس عاملاً مؤقتاً او تخذيرياً او احادياً او معرقلاً لتطوره.