اعلمني بعض الاخوة من السويد ان السلطات الصحية اصدرت تعليمات تحذر من تناول حلويات الرز او كعكه خصوصاً للاطفال دون سن السادسة اكثر من 4 مرات في الاسبوع، وذلك لاحتوائه على نسبة عالية من مادة الزرنيخ، وهي مادة “مسرطنة” ، ورمزها الكيمياوي As ورقمها الذري 33. اصل الكلمة “الزرنيكا” (Arsenic) سرياني، وبالفارسي Zarnikh اي الاصفر او ذهبي اللون. ولاهيمة الرز عندنا تابعت الموضوع، ووجدته جدياً وليس جديداً. اذ درست السويد 102 منتجاً من الرز في اسواقهم، واكتشفوا نسباً عالية من “الزرنيخ” في بعضها، ومنها “كيلوكز مرقمشات الرز” (Kellogg Rice Krispies) و”كعك رز بوتس للاطفال” Boots Baby organic rice cakes و”اوركانيك الرز كامل الحبة للاطفال” Organic First Wholegrain Baby Rice .. وقد اظهرت الدراسات ان نسبة الزرنيخ في الرز تعتمد على مناطق وطريقة زراعته وطبخه. وان الاعتقاد الشائع ان الرز بقشوره، او مايسمى بالرز الكامل او الاسمر هو افضل للصحة، اعتقاد خاطىء، اذ تتركز مادة الزرنيخ اكثر في القشور.
طمأنني اصحاب الاختصاص، والذين تؤكد كلماتهم الابحاث التي اطلعت عليها، ان عادة تنقيع الرز بالماء ثم سلقه (الرز المصفى/البزل) كفيلة بازالة النسبة الضارة من الزرنيخ الذي يتحلل كلياً بدرجة ماء 250-300 درجة. وبالفعل تم الاتصال باحد الاخوة العراقيين من اصحاب المطاعم في السويد، واكد ان الامر لم يشملهم لان “التنقيع” والطبخ بالبزل يزيلان اي خطر.. وشرح ان انتقال الزرنيخ من التربة الى الرز يتم بسبب طريقة زراعته مغموراً بالمياه، فيتحلل الزرنيخ من التربة الى المياه، فتمتصه البدرة، وبالتالي فان طريقة طبخه لدينا بغمسه بالماء واستخدام طريقة البزل او التصفية (وهي افضل من التطبيق) من شأنه تحلل الزرنيخ مجدداً ليطرد من الحبة. اضافة ان “التنقيع” و”البزل والتصفية” يقلل من مادة “النشا” التي هي سبب رئيسي للسمنة. وكانت من عادات البيت العراقي الحصول على “النشا” –قبل تصنيعه وطرحه معلباً في الاسواق- باخذ الـ”فوح” او الماء المصفى من الرز بعد سلقه ووضعه في “صينية” ليتبخر الماء ويبقى “النشا”. هذا وان العائلة الايرانية التي غذائها اليومي هو الرز ايضاً، تقوم بتنقيع الرز سبعة ايام، وتجد لديهم سبعة اواني حسب ايام الاسبوع.. فحالما تستخدم حصة اليوم يضاف اناء اليوم السابع، علماً انهم لا يستخدمون -كما نفعل- الزيت عند طبخه، بل تضاف الـ”زبدة” عند تقديمه، مما يقلل من نسب الدهن، خصوصاً مع “المروقات” التي ترافقه، والمملوءة بالدهن ايضاً.
كلامنا ليس كلام اختصاص، خلاف وزارة الصحة والمعاهد العلمية والقياس والسيطرة وغيرها، المطالبون بدراسة انواع الرز ومنتجاته المحلية والمستوردة. فالعراق منتج للرز.. وغذاؤه الاساس. ويقدم مرتين في اليوم عادة.. ويجب حمايته وحماية مواطنينا.. وعدم الاعتماد على الدراسات الاجنبية فقط. فلكل بلد ظروفه وعاداته. فهناك اولاً الجانب العلمي الذي يفترض حياديته.. وهناك الجانب التجاري المتحيز والمختلف احياناً.. فالدول تخفف عموماً مضار ما يرافق منتجاتها وعاداتها، وتغالي عند تناول منتجات الغير وعاداتهم.. ففي العالم وخصوصاً امريكا، يستخدم الزرنيخ بكثرة في الصناعات والادوية والمبيدات وتغذية الدواجن لزيادة وزنها. فالزرنيخ العضوي اقل خطراً من الزرنيخ النقي وغير العضوي.. وان اضافة الكبريت،الفوسفات، اوكسيدات الحديد الى التربة “الزرنيخية” يقلل من سموميته.
وبالمناسبة، نشير للحملة ضد زيت الزيتون في منتصف القرن الماضي من قبل دول اوروبا الشمالية بحجة مرارته وعدم تحمله التسخين العالي، لمصلحة زيوت نباتية وحيوانية كانت تنتجها هي او مستعمراتها.. علماً ان زيت الزيتون غني بالدهون الاحادية غير المشبعة التي تغني عن تناول الدهون المشبعة الضارة. فزيت الزيتون انواع كثمرة وطريقة استخراج. فالبكر والمستخرج بالبارد والذي هو عادة بمرارة محببة لاحتوائه مركبات مفيدة جداً، يفضل استهلاكه بارداً او بتسخين قليل بحدود 80 درجة او اكثر قليلاً، والزيت المستخرج بالتسخين يتحمل القلي لدرجة تصل 220 درجة. وهذه ثقافة وعادات تعرفها بلدان الزيتون، وقد يجهلها غيرهم، فشهدنا الحملات جهلاً او لاغراض خاصة.