Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

في ذكرى السيد بحر العلوم.. الدستور و”مجلس الحكم”

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 2:46 - 24/04/2016 - عدد القراء : 2165

مر عام على رحيل الفقيه والعالم والمفكر والاديب والمصلح والمجاهد والسياسي السيد محمد بحر العلوم قدست نفسه الزكية، وفي كل يوم يمضي نشعر بثقل الخسارة وبالفراغ العظيم الذي تركه.. ساترك الحديث عن مآثره ومؤلفاته وادواره السياسية في شتى مراحل العمل.. لا يتسع الوقت لطرحها، ولو بعضها، وساكتفي للتاريخ بموقف له، في مجلس”مجلس الحكم”، قد لا يعرفه كثيرون، وذلك عندما فُرض الاحتلال على البلاد، وباتت تدار من قبل “الادارة المدنية” برئاسة السفير “بريمر”.
في الاجتماع الاول لمجلس الحكم اجتمع قادة البلاد يمثلون تياراته الرئيسية كالتيار الاسلامي ممثلاً بالسيد عبد العزيز الحكيم والجعفري ومحسن عبد الحميد وعز الدين سليم وغيرهم.. والقادة الكرد ممثلين بالطالباني والبرزاني وغيرهما.. وكالتيار الليبرالي ممثلين بالجلبي وعلاوي والباجه جي والياور والجادرجي واخرين، والشيوعي ممثلاً بمجيد حميد، وغيرهم من المسيحيين والتركمان.  لم يقترح المجتمعون غير السيد بحر العلوم لتراس اجتماعهم الاول.. ثم اختاروا نظاماً يترأس فيه احدهم “المجلس” لمدة شهر، وبحسب الاحرف الابجدية. وكان “بريمر” يحضرمرة في الاسبوع ليطرح ما لديه ويستمع الى مطالب “المجلس”. ومنذ اليوم الاول رفع السيد بحر العلوم فتوى السيد السيستاني بانتخاب جمعية وطنية مباشرة من الشعب لاعداد واقرار دستور للبلاد.
اذكر جيداً السفير “بريمر” وهو يقول لنا لن تتمكنوا من لي اذرعنا.. وكان الجواب يأتيه ان الامر لا يتعلق بلي اذرع بل بحقوق الشعب. لم تكن كل اطراف الجبهة العراقية متحدة حول هذا المشروع، لكن السيد بحر العلوم واخوانه بذلوا جهوداً جبارة لتوحيد الصف.. وكادت المحاولات ان تبوء بالفشل خصوصاً بعد اجتماع 15 تشرين الثاني 2003 الذي عقد في دار الرئيس جلال الطالباني.. بعد توقف “مجلس الحكم” عن الانعقاد في مقره احتجاجاً على حادث اطلاق نار من جندي امريكي على سيارة المرحوم بحر العلوم. في ذلك الاجتماع لم تنجح ضغوطاته واخوانه على “بريمر” للتخلي عن فكرة “المجمعات الانتخابية”، وهي شبيهة بفكرة المضابط الانتخابية التي طرحها الاحتلال البريطاني للعراق في عشرينات القرن الماضي بعد وضعه تحت الانتداب. لكن الضغوط والعمل بقي جارياً بعد الاجتماع الى ان اسقطت فكرة المجمعات الانتخابية، وتنازل “بريمر” ومن ورائه واشنطن، وقبلوا فكرة الانتخابات العامة.. فتقرر انهاء الاحتلال وعودة السيادة اعتباراً من حزيران 2004 لتجري انتخابات الجمعية الوطنية العامة في كانون الثاني 2005.. كما تقرر ان ينتهي دور الحاكم المدني ويغادر البلاد، وان تتولى حكومة عراقية برئيس جمهورية ونائبين ومجلس وزراء ورئيسه وتخويله صلاحيات تشريعية وتنفيذية لادارة شؤون البلاد.. ووضع “قانون ادارة الدولة” ليكون مرجع الحكومة خلال هذه الاشهر.. كنت ارافق الراحل في عدد كبير من اللقاءات بالمراجع العظام لشرح ما يجري.. وقبل اقرار القانون كان لاية الله العظمى السيد علي السيستاني وعدد اخر من المراجع العديد من الملاحظات التي منعتنا من المضي قدماً وتوقف كل شيء.. حضر فريق منا الى النجف الاشرف. واجتمعنا في بيت السيد بحر العلوم واتفقنا على اصدار بيان يتضمن التحفظات يرافق التوقيع على “القانون”، وهو ما حدث.. ثم نظمت جولات لشرح سلبيات وايجابيات القانون عراقياً وفي العديد من الدول.. وكانت حصتنا الجمهورية الاسلامية.. وذهبنا بحر العلوم والجلبي والداعي واجتمعنا بالسيد الخامنئي، وقمنا  بشرح الايجابيات والسلبيات.. وهكذا تم توفير اجواء مناسبة اتفقت فيها الامم المتحدة والدول الدائمة العضوية في مجلس الامن ودول الجامعة العربية والمؤتمر الاسلامي لانهاء الاحتلال وصدور قرارات جديدة من مجلس الامن ساهمت لاحقاً بخروج العراق من الفصل السابع، وانهاء حالة الحرب وانسحاب القوات الاجنبية، اضافة الى اجراء الانتخابات واعداد الدستور الدائم، وبدء مرحلة جديدة من حياة العراقيين كان يمكن ان تصل بهم لشاطىء الامن والسلام.. لكن الارهاب والقاعدة و”داعش” وانصار النظام السابق ودمار البلاد وانقساماته تحالفوا جميعاً، ومكناهم من انفسنا بجهلنا وقلة تدبرنا وتفكيرنا وسفهائنا. فدخلنا ازمة وازمات، وما زلنا نقوم بذلك.. وما احوجنا اليوم لامثال السيد بحر العلوم، فانا لله وانا اليه راجعون.

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

ملحق العدالة

Capture

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
15°
18°
Thu
17°
Fri
الافتتاحية