Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

قناة العراق البحرية.. البحر وسط الصحراء

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 1:08 - 01/10/2015 - عدد القراء : 1014

مسألة المياه من اخطر الموضوعات التي ستحاصر العراق مستقبلاً اكثر فاكثر.. فالنهج السائد هو الاستمرار بمطالبة تركيا وايران وسوريا باطلاق المزيد من كميات المياه، وهو عمل قمنا به خلال العقود الماضية ولم نفلح. فشحة المياه ظاهرة بيئية، ورغم اننا يجب ان نستمر بالتعاون مع جيراننا،لكننا بحاجة لاعمال جدية ضماناً لمستقبلنا، خصوصاً جنوب خط الـ100 ملم من الامطار الذي يعتبره الدكتور عبد العزيز الدوري بداية خط الصحراء،الذي يعبر الفرات جنوب دير الزور باتجاه جنوبي شرقي الى بغداد، ليسير جنوباً مروراً بغرب بغداد، عابراً وسط السواد الى الخليج.
يعاني العراق من مشكلة ضحالة اعماق منفذه البحري الوحيد وضيقه.. فطرح عام 2004 مشروع ميناء العراق الكبير، الذي اقرته “اللجنة الاقتصادية” في حينها، والذي يقوم على بناء شبه جزيرة ترتبط باليابسة العراقية وتمتد لمسافة 32 كم لتصل الى المياه العميقة(22-28) متراً. لم ير المشروع النور لاسباب عديدة.
ارتبطت بغداد بالخليج والبحار الكبرى، كما صممها “المنصور” لتأتيها المؤن من كل مكان ولتحميها المياه عند الشدائد.. وتعتبر منطقة “الشريعة”،كما يدل عليها اسمها، مرفأ بغداد الاساس، وفيها مرافىء تعرف باسماء مختلف البلدان للسفن القادمة من عُمان والهند والبحرين ومسقط وايران والصين.. فالارتباط بين الخليج واعالي الانهار ليس بجديد، بل استخدم عبر التاريخ، وكانت السفن تمخر فيها قادمة وذاهبة الى الخليج، بل استخدم البريطانيون الانهار لغزو العراق عند احتلاله.
“قناة بغداد البحرية” فكرة لا ندعي اننا من الخبراء لتشخيص امكانياتها وجدواها، لكننا نطرحها لفتح النقاش الجاد للمختصين في جامعاتنا وعلمائنا ومحافظاتنا المحرومة وكل من يشعر بالمسؤولية في هذا البلد. انها حلم سينبري كثيرون لتسفيهه عن حق او باطل، قائلين بصعوبة المشروع او باولوية الانشغال بالامور العاجلة. لكن الحلم هو جزء من ضغط الوعي على اللاوعي عند الناس. فالمشاكل الانية والصغرى لا تحل بمشاريع صغيرة فقط، بل حلولها النهائية هي ايضاً مشاريع كبرى ورؤى بعيدة.. والامثلة لا تعد ولا تحصىى لمشاريع بدت وقتها مستحيلة، لكنها صارت انجازاً وحقيقية وواقعاً لملايين البشر ومئات الدول. فشقت قناة السويس بالفؤوس والمعاول بازاحة 74 مليون متر مكعب من الرمال، وافتتحت في 1869 بطول 193 كم، وعرض 190-225 متراً وغاطس 19-24 متراً، لتربط المتوسط بالاحمر، واصبحت احدى عناوين مصر الكبرى ومصدر من مصادر عيشها الاساس.. ومؤخراً افتتح الرئيس “السيسي” فرعاً جديداً للقناة بطول 72 كم  بغاطس 21.5 بكلفة 4 مليار دولار، سُددت بالاكتتاب الدولي. وهناك افكار مطروحة في المنطقة والسعودية بالذات لحفر “قناة طه” تربط الخليج بالبحر الاحمر، طولها 1300 كيلومتراً،وبعرض 300-400 متراً،وبعمق يقول عنه البعض بانه من ضرب “المستحيل”، وذلك عندما يصل الى 1100 متراً بين نجد والحجازوبكلفة 50-80 مليار دولار.
ترتفع بغداد عن سطح البحر 32 متراً.. وتبعد عن الخليج 550-600 كيلومتراً، وان شق قناة بعرض 150-200 متراً وبغاطس20-22 متراً (اقصى عمق حفر قد لا يتجاوز 50 متراً) لا يعتبر بالعمل المستحيل هندسياًولا مالياً، خصوصاً ان مول بالاكتتاب وعلى مراحل.. ويمكن للقناة ان ترتبط بالمياه العميقة في الخليج لتصعد باتجاه البصرة وتقطع الصحراء الجنوبية وتمر بذي قار والمثنى والقادسية والنجف والانبار.. فالارض رملية ومنبسطة.. وهذه الاعماق قد لا تهدد المياه الجوفية.. فيساهم المشروع بالتخفيف من درجات الحرارة وزيادة الرطوبة والامطار وتقليل الغبار، واحياء لاراضي ومشاريع زراعية وصناعية تحتاج كلها الى المياه والتي ستزداد شحة مستقبلاً.. ويضع المشروع الكثير من مدن العراق الاساسية بارتباط مباشر بالبحر لاغراض النقل والتجارة والسياحة موفراً للعراق ارصفة وموانىء عملاقة.. اضافة لتوفير ثروة سمكية هائلة.. كما ويساعد المشروع القطاع النفطي سواء للتصدير والاستيراد او للاستفادة من مياه البحر.. وللمشروع فوائد امنية، وسياسية بزيادة اللحمة بين مناطق البلاد.. كما يمكن للمشروع ان يكون بديلاً للكثير من مشاريع وزارة النقل والموارد المائية والزراعة والصناعة والكهرباء والنفط، الخ.. وكمثال اعترضت وزارة الموارد المائية –عن حق- في لجنة الطاقة الوزارية مؤخراً على مشروع لتزويد حقل الغراف النفطي بكميات بسيطة من المياه تأتي من النهر الثالث معللة الاعتراض بشحة المياه.. فاذا كان هذا حال مياه المبزل العام فما بالك بالمياه الحلوة التي تحتاجها البلاد اشد الحاجة. بل سيكون المشروع ضرورة لمياه الشرب، فمشاريع تحلية المياه باتت مشاريع عاجلة يجب التفكير بها، ولن تسعفنا بعد فترة لا الامطار ولا مياه الانهار او المياه الجوفية.

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
28°
35°
Sat
34°
Sun
الافتتاحية