نعزي انفسنا واهلنا في ذي قار والبصرة والمثنى وكربلاء وغيرهم من عراقيين وغير عراقيين بالمصاب الجلل اثر الهجوم الارهابي على مطعم وسيطرة “فدك” في الناصرية والمثنى، من قبل مسلحين بزي عسكري يستقلون سيارتين، وسقوط هذا العدد الكبير من الشهداء والجرحى من رجال ونساء وشيوخ واطفال.. فـ “انا لله وانا اليه راجعون”، وتغمد الله الشهداء برحمته الواسعة، والهم ذويهم ومحبيهم الصبر والسلوان، وندعو للجرحى والمصابين بالشفاء العاجل.
ولكن هل يكفي هذا العزاء الذي نكرره يومياً لايقاف هذه المجازر التي يتعرض لها اهلنا؟ وهل دماء العراقيين بهذا الرخص، لننتفض بعد الحادث، ثم نعود لنفس اجراءاتنا واساليبنا وكأن شيئاً لم يكن. فلقد جرى الهجوم في وضح النهار وعلناً، وهو عمل يمكن ان يتكرر في اي مكان، وفي اي وقت، رغم كثرة السيطرات وانتشار القوات وكثرة السلاح والاموال العظيمة التي تصرف على الملف الامني، فمن هو المسؤول؟
وكما جرت العادة سيعتقل ويلام بعض المسؤولين وستتم المطالبة بانزال اشد العقوبات بالفاعلين، دون ان نتسائل لماذا لم تنفع مثل هذه الاجراءات سابقاً. فالارهاب يضرب عندما يُهزم، فنقول بانه يريد رفع معنويات انصاره، وعندما يتقدم فنقول انه يستخدم حواضنه المنتشرة، وكأن الارهاب يمتلك القدرة ليضرب اينما يشاء، ووقتما يشاء. وكأنه اقوى منا، وهذا غير صحيح، كما برهنت معارك بغداد وكربلاء والحلة وديالى وصلاح الدين والانبار والموصل وتلعفر وغيرها، فكيف يمكن تفسير استمرار مثل هذه العمليات؟ وهل هو تقصير فردي لتتم ملاحقة ومحاسبة ومعاقبة المسؤولين المباشرين فقط، ام هو اساساً خلل نظام وفلسفة امنية متكاملة، يجب معاقبتها وتغيرها اولاً قبل الافراد؟
صحيح ان العمل الاستخباري قد تحسن كثيراً، وان الاجهزة الامنية باتت تمتلك الكثير من المعلومات التي كانت تفتقدها سابقاً، لكن جوهر العمل الامني يقوم على فلسفة خاطئة لم تعد تتبعها الدول، في: أ) العدد.. ب) العنصر البشري.. ت) والمنظومات المختلفة والمتداخلة، بينما الفلسفة الامنية الفعالة باتت تعتمد أ) العمل النوعي وليس الكمي اساساً.. وب) التقليل من العنصر البشري لمصلحة المسح والرقابة الالكترونية والتصوير.. ت) والمنظومة المتجانسة الموحدة.
عادل عبد المهدي