مع حلول الربيع، نستقبل اعياد ولادة الزهراء عليها السلام والأم والمرأة العالمي ونوروز والشجرة.. وهذه اعياد اختلطت فيها التقاليد الدينية والطبيعية والاجتماعية منذ اقدم العصور، وهي ما زالت تتجدد ليومنا هذا.
الزهراء عليها السلام، سيدة نساء العالمين ومن اصحاب الكساء مع ابيها وبعلها وولديها الحسن والحسين صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين، والذين خصهم الله سبحانه وتعالى بآية التطهير: {انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا} وهم النبع الخالد والبذرة المتجددة لشجرة العثرة الطاهرة الى يوم الدين. فاذا كانت ولادة الزهراء عليها السلام 20 جمادى الاخرة في السنة الخامسة للبعثة، حسب المشهور، فانها ستصادف 29 آذار 615 ميلادية.
نستغل هذه المناسبة لنشير لاهمية التقويم الهجري الشمسي بجانب الهجري القمري والميلادي المسيحي الكريغوري. فالتقويم الهجري الشمسي قننه “عمر الخيام” وعلماء فلك مسلمين، واعتمده اجدادنا بعناوين مختلفة منها “السنة الخراجية” و”الهجري الشمسي”، والتقويم الجلالي” نسبة لجلال الدولة السلجوقي، وام القرى السعودي.. فالتقويم الهجري الشمسي اعتمد ايضاً في الدولة العباسية واحياناً العثمانية، وتعتمده ايران وباكستان وافغانستان، والسعودية، وفي انحاء من كردستان، الخ.
وكما هي الزهراء عليها السلام عنوان لتحمل المسؤوليات ولتحمل الاذى والرعاية والحياة المتجددة والتي اطلق عليها بسببها الرسول الاعظم “أم ابيها”، كذلك هي الام عنوان الحياة والمسؤولية والواجبات الثقال. وان الاحتفاء بها هو احتفاء بمن وضع الله الجنة تحت اقدامهن. في منتدى السليمانية قبل اسبوعين ذكر الاخ الدكتور برهم صالح في كلمته للمنتدى قائلاً. “كانت والدتي تقول ان المرأة ليست فقط نصف المجتمع، بل هي اولاً والدة كل المجتمع”. فالأم والمرأة هي ام المجتمع وحاملة بيضته ورحمه، ومنها تكون الولادة والحياة.. فما بالنا لا نرعاها ونظلمها ونؤذيها، ولا نمنحها كل صفات التبجيل والاحترام. نظلمها بالعادات والتقاليد البالية المتخلفة، كما نظلمها ونقهرها بالكثير من العادات والممارسات الغريبة والمنقولة عنوة. فوأد النساء وحجر المرأة واهانتها وقهرها وتركهن عوانس ومطلقات وارامل والاعتداء عليهن، وحرمانهن من ابسط حقوق الحياة، لا يختلف عن جعل المرأة سلعة تباع وتشترى وتستضعف وتستغل، دون حقوق ودون حماية حرمتها وخصوصياتها. وبهذه المناسبة انقل حادثة وقعت لي في فرنسا. اذ شكلنا فريقاً من الاخوة والاخوات العرب والفرنسيين، من بينهم المرحوم “جان لو هربرت” الذي اسلم وسمى نفسه “عبد الحليم هربرت” ، وهو استاذ جامعي وكاتب ومفكر معروف. كنا نعمل على ترجمة معاني القرآن الكريم الى اللغة الفرنسية. وخلال احدى الجلسات اصطدمت جذور الثقافتين الشرقية والغربية في قضايا العادات، وحصل نوع من الجدل والاختلاف بيني وبين حرمه حول دور المرأة ومكانتها في المجتمع. ونتيجة النقاش بيننا، قدمت ورقة تنطلق من ثلاث زوايا لرؤية اوضاع المرأة. الاولى، ان المرأة عديلة للرجل ومساوية له في كل شيء بصفتها مثله من بني البشر. فبعنوانها هذا لها ما له من حقوق وواجبات. اما العنوان الثاني، فالمرأة ام وحمالة رحم، وهي بصفتها هذه تتقدم على الرجل، لذلك وضع الله الجنة تحت اقدامها. اما العنوان الثالث، فالمرأة انثى والرجل ذكر، وهما يختلفان في بعض الصفات والقابليات. ومن الظلم اهمال مواضع الاختلاف وعدم اخذها بالاعتبار في مناحي الحياة، فمقتضى العدل ان يوضع كل امر في نصابه.
وكما هي الام والمرأة عنوان الحياة، فان اعياد نوروز والربيع والشجرة التي تحتفل بها شعوب وبلدان كثيرة هي عنوان للربيع ولدورة الحياة والالوان والفرح وتجددها. ونوروز من الاعياد العراقية والشرقية القديمة قبل الاسلام وبعده. وكان العباسيون يولونه الاهتمام الكبير. وفي ايامنا هذه، يحتفل به رسمياً في 11 دولة، كما يحتفل به مئات ملايين السكان ومن مختلف الشعوب والقوميات. وحري بنا ان نستعيد هذه الاعياد لما تحمله من قيم كبيرة، خصوصاً وانها تقارب بين شعوبنا وقومياتنا وادياننا ومذاهبنا، اذ يحتفل بهذه المناسبات –ولو باسماء مختلفة- المسلمون والمسيحيون والصابئة والازديون والكرد والعرب والترك والفرس والشبك وغيرهم.
عادل عبد المهدي