القضايا الكثيرة والمتشابكة لابد ان تكون الحكومة قد وضعت لها الحلول بحسب تصريحاتها واعلانها عن برنامجها في مجلس النواب ، ولكن غياب المنهجية والرؤية في ادارة الملفات ، وعدم ادراك الاثار المترتبة على توسع دائرة المشاكل الاقتصادية ، اذ كشفت أنه لايوجد في السلطتين ( التنفيذية والتشريعية ) من يكترث بهموم المواطن ، بدلالة قانون الموازنة الاتحادية العامة الذي بات عرضة للاتهامات غير الحقيقية والوهمية بين الطرفين ، في مسعى واضح لكسب الوقت وتوفير أجواء تأخيرية. مقصودة. وهذا ماحدث في التأخير الذي رافق قانون تمويل العجز المالي حتى وصل الى المدة الزمنية المقصودة ، ومهما يكن من أمر فان الوقت تأخر وحصل المبتغى بأن تأخرت الحكومة في ارسال الموازنة الى البرلمان وبقيت تلوح بأن تأخير الموازنة سوف يؤدي الى تأخير الرواتب ، مع أن هناك آلية متبعة في حال تأخير إقرار الموازنة تحدد الصرف ، ولكن تكرار ربط اي قانون مالي بالرواتب من أجل تمريره يسجل أكثر من علامة استفهام ، فإذا كانت هناك جدية في حسم الموضوع ، فعلى مجلس النواب ،إما مساءلة الحكومة أو محاسبتها ، ولكن كلا الامرين لم يحصلا ، وهذا ولد الاستغراب لدى المواطن ،لاسيما ان مجلس النواب يطلق التصريحات المتكررة بسرعة ارسال الموازنة فالجميع ينظر إلى البرلمان وهو غير راض عن الاداء ، من حيث إن المخاطبات ترسل اعلاميا ، والموازنة اصبحت تعتمد على قراءات مزاجية ، والقضايا المهمة يتم تناولها بشكل ضعيف ، لذلك لابد أن تكون النظرة من منطلق العمل الذي يؤديه البرلمان ،فلايجوز ترك القضايا المهمة عرضة للتصريحات المتبادلة من دون حل يرضي الشعب ويحقق آماله ، فالبرلمان عليه ان يختزل الزمن ويضغط جدول أعماله وان لا يقتصر عقد الجلسات على الخطابات الاعلامية والمنبرية التي تكشف عن عدم ادراك حقيقي لأزمات البلاد ، فاذا الحكومة مقصرة. فالبرلمان مقصر ايضا ، اذا لم يحاسب المقصر ، لأنه لايمارس سلطته في المراقبة والمحاسبة ، اذا سجل ضعفا أو تقصيرا على اداء ما ، فالعمل هو من يحدد الاتجاهات والنوايا ، وليس تبادل الاتهامات ، فلدى البرلمان عمل كبير في مراقبة الاداء الحكومي لاسيما في إدارة الازمة المالية ، فهل يعقل تأخير موازنة وهي في الاساس تشغيلية لاتتطلب عناء جهد ! إن الموازنة توضع وفق آليات واجراءات وهذا ما يجب ان يترك اثراً عند إقرارها بحيث يكون النتاج واضحا وعملياً وليس فرضيات ونظريات وتحليلات تحمل أبوابا عامة بعيداً عن الخطط العملية ، و كل ذلك لابد ان يخضع لمراقبة برلمانية وأن لايكون الطابع الاعلامي هو الذي يغلف الخطابات والاعمال التي يريدها المواطن واقعا على الارض.لذلك فالمواطن لايريد شعارات ومطالبات متباينة ، وإنما يريد عملا يؤمن له حياة كريمة وعيشا كريما ، فقد ايقن المواطن ان الحلول فقدتها الحكومة ، وأخذت تهرول خلف قوت المواطن المسكين ، ومن هنا تقع المسؤولية على عاتق ممثلي الشعب الذين عليهم ان يفعلوا الاداء ويحموا المواطن ويعملوا من أجله، ويضغطوا من أجل أن ترسل الحكومة موازنة تحفظ حقوق الشعب.