البحث في مستقبل بلد وشعب لا يمكن ان يكون بحثاً فردياً يخضع لرؤية واحدة ومزاج واحد ،وانما لابد ان تشترك فيه القوى السياسية التي ناضلت وجاهدت وضحت من اجل العراق الجديد ،فمسارات العمل تستوعب جميع الافكار والطروحات ،وهناك عقول تستوعب كل ما يطرحه الاخر من حيث ان البناء تعاضد وتشارك فيه الجميع ،وليس بمقدور اي طرف ان ينأى بنفسه بعيدا عن الشركاء ،لذلك ليس غريباً ان تشهد اروقة المشهد السياسي حراكا كبيرا ومتعددا هدفه اصلاح الكابينة الحكومية ،وليس غريبا ان تختلف مضامين الرؤى والطروحات ،فهي اذا كانت متفقة في اطارها العام وهو دعم الاصلاح وضرورة اجراء تغيير وزاري ،فان تفاصيل هذه الاطر فيها تبويب يختلف من طرف لاخر، لان الرؤية لازالت غير واضحة لدى الكثير، فعلى اي منهج يكون التغيير؟ وعلى اي رؤية يكون الاصلاح؟ وما الموقف المطلوب من الكتل السياسية المدعوة للمشاركة في هذا التغيير؟ هل هي مشاركة للدعم فقط من دون الاخذ برؤاها؟ والاكتفاء بالتفرج وقراءة اسماء يتم عرضها على الكتل لاخذ مباركتها ودعمها؟ وما موقف تلك الكتل من قواعدها الجماهيرية ،ومن يتحمل مسؤولية الاخفاق؟ كل ذلك لابد ان يخضع لنقاش طويل ومعمق، لان المسألة ليست مباراة كرة القدم يجري المدرب فيها التغييرات التي يقتنع بها ،بل هو مصير بلد ،ومنجزات كبرى، وتاريخ من التضحيات، فقد تكون الصيحات كثيرة والمطالبات اكثر ولكن التحديات اكبر وتتطلب النظر الى الامور من منظار المصلحة العليا التي لا مساومة ولا مجاملة على حساب مستقبل الشعب، فدعم الاصلاحات ضروري، ولكن لابد من رؤية واضحة تقنع الشعب والشركاء بأن التغيير سيكون نحو الاحسن، وليس التغيير من اجل التجريب والمحاولة، مما سيضيع سنوات اخرى على الشعب ،ولربما لا يمكن تدارك الامور اذا جاءت بالسلب ،ولعل ما يدعو اليه المجلس الاعلى من ضرورة وجود رؤية واضحة وبرنامج واضح مبني على اجراءات سليمة لأي عملية اصلاح شامل لانه لا يمكن اختزال الاصلاح بالتغيير الوزاري ،لانه فقرة من فقرات الاصلاح ،وهناك اشياء مهمة كالتشريعات والمعالجات الاقتصادية وانهاء ادارة المناصب بالوكالة وغيرها لذلك لابد من تكثيف اللقاءات والمشاورات للوصول الى نتائج طيبة تصب في صالح الشعب.