Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

جيروم سالينغر.. رواية واحدة تصنع الشهرة

جيروم سالينغر.. رواية واحدة تصنع الشهرة
ادب وثقافة - 1:22 - 23/02/2016 - عدد القراء : 998

6 أعوام على رحيله

مرت هذه الأيام سنوات ست سنوات على وفاة الكاتب الأمريكي جيروم سالينغر ( 1 يناير 1919 – 27 يناير 2010)، صاحب الرواية الشهيرة والوحيدة «الحارس في حقل الشوفان» عام 1951، وهي الموجهة للكبار ومن هم في سن المراهقة، وله مجموعات قصصية عدة. تعتبر «الحارس في حقل الشوفان» هي الأشهر والأميز والأكثر جرأة على الكتابة، بسبب أولاً، أسلوبها غير المعهود في الكتابة، وثانياً ما اشتملت عليه من مصطلحات وكلمات مبتذلة وصفت ب «السوقية»، وهو الذي جعلها في عرف الأكاديميات والمدارس والنسق التعليمي الرصين، من الأعمال المرفوضة، وغير مرغوب في اقتنائها.استحوذت هذه الرواية على عشرات الدراسات النقدية والتحليلات في الولايات المتحدة الأمريكية، كما ترجمت إلى معظم لغات العالم الرئيسية، أما بطل الرواية فيدعى هولدن كولفيد، هذا البطل اعتبر رمزا للتمرد، لا سيما وأن الرواية تغوص عميقاً في الظاهرات الاجتماعية الحادة، في المجتمع الأمريكي بعد الحرب العالمية الثانية، وترصد موضوعات مثل: الهوية والانتماء والفقدان والتواصل.أدرجت الرواية على لائحة التايم الأمريكية في عام 2005 ضمن قائمة أفضل 100 رواية كتبت باللغة الإنجليزية.بدأ جيروم سالينغر، كما توثق سيرته الذاتية، الكتابة في عمر 15 عاماً، وهو من الكتاب الذين آثروا اعتزال الناس، فهو لم يبحث كغيره من الكتاب عن الشهرة، بل آثر الانزواء وحيداً والعيش في بلدة ريفية مع كلاب الحراسة.كان أول عمل أدبي أصدره سالينغر، قد نشر في مجلة «ستوري» في العام 1940 أتبعه بسلسة من القصص القصيرة التي نشرت في مجلات عدة منها: «هاربر» و«إسكواير» وغيرهما، مروراً بروايته «الحارس في حقل الشوفان» التي أبرزته واحداً من الكتاب الكبار وصار بفضلها محط اهتمام وسائل الإعلام والنقاد كأحد مبدعي عالم الخيال الأمريكي.صار سالينغر من الكتاب الدائمين في مجلة «ذي نيويوركر» التي تعتبر من الدوريات الأدبية المعروفة على نطاق واسع، وصفه الناقد ريتشارد ماك غراث بالكاتب الذي خرج من العمارة التقليدية للقصة التي تبدأ عادة ببداية ووسط ونهاية، كما في عمله «تسع قصص» كما كتب بلغة أقرب إلى لغة الناس المحكية كأنه ينطق بلسانهم وواقعهم، عبر تشخيصه للظواهر الاجتماعية الحادة والسائدة في المجتمع الأمريكي، من مخدرات وجنس وتشرد، وهي الموضوعات التي غالباً ما ترددت عند ما أطلق عليه «جيل البيت» الذي رصد حياة المهمشين والبؤساء، كما أن أعمال سالينغر، وهي من العلامات البارزة التي توقف عندها النقاد والمحللون، غالباً ما تكون ذات نهايات مفتوحة.منعت «الحارس في حقل الشوفان» من دخول المدارس والمكتبات الأمريكية، كما تم حظر الرواية في واشنطن، بما في ذلك المدارس الثانوية في عام 1978، بحجة أنها تنطوي على شبهة شيوعية، كما كانت من الأعمال الأكثر حدة في استخدام مصطلحات أو عبارات دارجة على لسان العامة، التي تحسب في قاموس الكلمات غير المهذبة، الخارجة عن القواعد الأخلاقية، من هنا يفهم سبب إقبال الشباب الأمريكي عليها في تلك الآونة.ينتمي سالينغر إلى مرحلة زمنية استمرت حتى أواخر الستينات وأوائل السبعينات، في تصنيفها الأدبي، وهي الفترة التي ساد فيها نموذج الأدب الأكثر شعبية، في التاريخ الأمريكي، وتوصف بحقبة الكتاب المجددين الواقعيين، وأيضاً الرومانسيين الوجوديين، مع ملاحظة بعض الفوارق في أسلوب كل كاتب على حدة، وهؤلاء جميعاً كانوا ممن شهدوا تورط أمريكا في حرب فيتنام، فانخرطوا في ما يشبه التعبئة ضد هذا الواقع، واقع تلك الفترة التي توصف عادة بالجنون الأمريكي، حيث تعد «الحارس في حقل الشوفان» أو ما يطلق عليها أحياناً «صائد الجاودار» من النماذج الصارخة والمعبرة بقوة عن ذلك الواقع، ويضيف النقاد سيلفيا بلاث وروايتها «الناقوس الزجاجي»، وأيضاً لوليتا “فلاديمير نابكوف” إلى تلك الفترة التي شهدت انفجاراً في أدب الحرب، كما هو عند نورمان ميللر في “العارية والميت” 1948، و«كاتش 22» لجوزيف هيلر 1961 و”المجزرة الخامسة لكورت فونجت” 1969، وكما هو أيضاً عند جون أبدايك الذي اختلف قليلاً عن سابقيه في رصد ما يسمى بالجانب الأكثر مثالية في المجتمع الأمريكي موازناً ما بين الهدوء والصخب” كما ظهر في عمله «اركض اركض يا أرنب» 1960، التي وجهت أو خاطبت بشكل مباشر الطبقة الأمريكية الوسطى.كثيرة هي الأسماء التي ظهرت في تلك الفترة، ومن رموزها أيضاً رالف اليسون وفلانري أوكونور، و«مارك توين» وغيرهم.عودة إلى جيروم سالينغر، فقد تميز هذا الكاتب بعنفوان كاتب كبير وصف بالعبقري تارة، والفذ تارة أخرى، فهو بالنسبة للمترجم والناقد نبيل حاتم من أولئك الكتاب الذين يتعلق القارئ بمؤلفاتهم بعد أن يتعرف إليهم، فما أن تقرأ له شيئاً حتى تبدأ بالبحث عن القليل الذي تركه بعد أن تاه في البراري الأمريكية، وهو أيضاً «المنقذ» في حقل الشوفان تلك الرواية التي أخذت عنوانها عندما تخيل بطلها (هولدن كولفيلد)، ذلك الشاب المتذمر من نفاق المجتمع الأمريكي، نفسه، منقذاً يقف على حافة جرف عظيم في نهاية حقل الشوفان، ذلك النبات ذو الأشواك القاسية، الذي يصنع من حبوبه الخبز الأسود، كما يلعب في هذا الحقل آلاف الأطفال وعندما يقترب أحدهم من الجرف سيسرع لإبعاده لكي لا يسقط فيه.هي رواية مكتوبة بجرأة تتجاوز حدود المنطق المتبع، لكنها أيضاً رواية مشحونة بالعواطف وتتسم بالصدق في نقل الواقع، وإن بدت معتمة أو سوداوية في تهكمها الصريح، كما أن الشخصية الرئيسية في هذه الرواية يمكن وصفها واقعية بنزعة فوضوية وهو منطق الرواية التي تنسجم مع قاع المجتمع الأمريكي بل تتناغم معه، لتحكي عن المسكوت والمتخفي، وتبرز المزيف والفاسد وغير الأصيل.تضمنت أعمال سالينغر قصة بعنوان «إسما مع الحب والشقاء» وتعتبر من القصص الشهيرة، ذلك أنها نشرت في بواكير حياته الأدبية، تحديداً في إبريل/نيسان 1950، في النيويوركر، وتتمحور حول الحرب، وبمعنى أكثر تحديداً تتحدث عن أزمة نفسية عاشها محارب في فترة الحرب العالمية الثانية، غير أن هذا المحارب يعيش في موازاة ذلك قصة حب طفولي يتذكر من خلالها الطفلة إسما وشقيقها تشارلز، والقصة تتسم بنبرة تفاؤلية عالية، تؤمن بالحب وبأن الإنسان لا يستطيع العيش من دون هذا الحب.بعض النقاد يشيرون إلى «إسما مع الحب والشقاء» على أنها قصة تحاول نقل بعضاً من سيرة سالينغر، الذي خدم في الجيش الأمريكي كما انضم إلى عملية غزو النورماندي، في ما تكشف التقارير أنه رفض على الدوام أن يكشف عن تلك الفترة من خلال أعماله الأدبية، فهو لم يوثقها في الأعمال التي كتبها، بسب ما فيها من توتر وشحنة عالية من التجارب السيئة.تقسم القصة إلى جزأين، في الأول ثمة راو، هو كاتب يتعرف إلى إسما وشقيقها تشارلز وهما بريطانيان، إسما هنا، ترجو الكاتب أن يقوم بتدريبها لكي تكون كاتبة قصة، أما الجزء الثاني فيتحدث عن غزو النورماندي وهو الجانب المتعلق بمفصل الشقاء في الحكاية.. وقد استقبلت القصة بعد نشرها بترحيب ملحوظ من القراء.في عام 2013 سجل الفيلم الوثائقي «سالينغر» حياة هذا الكاتب، وهو من إخراج شين سالرنو، الذي يتحدث عنه الكاتب زياد عبدالله بوصفه شكل لغزًا عصيًا على آلة النجومية الأمريكية، بحيث كان التقاط صورة له أمراً يستدعي مرابطة مصور أمام بيته المعزول في غابات «نيوهامشير» لثلاثة أيام، فهو كاتب لم يجر مقابلة في حياته، وهو كما يؤكد عبدالله لا يظهر في الفيلم أبداً، وهذا لا علاقة له بما إذا كان سالينغر حياً أم ميتاً أثناء إعداد الفيلم، فهو مثلاً لن يظهر أبدًا وهو يتحدث، حيث تم تجميع كل ما هو متاح من مادة بصرية يظهر فيها سالينغر، والتي لن تتجاوز أكثر من عشر صور فوتوغرافية من بينها بورتريه مرسوم له حين تصدر غلاف «التايمز عام 1961.

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
22°
30°
Mon
29°
Tue
الافتتاحية