Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

“طوق الحمام” حيث لا ألفة ولا ألاف

“طوق الحمام” حيث لا ألفة ولا ألاف
ادب وثقافة - 1:55 - 21/09/2015 - عدد القراء : 989

في عام 2011 حصدت رواية “طوق الحمام” الصادرة عن “المركز الثقافي العربي” للكاتبة السعودية “رجاء العالم” جائزة البوكر العربية للرواية مناصفة مع رواية “القوس والفراشة” -والصادرة عن نفس الدار- للكاتب المغربي “محمد الأشعري”؛ لتصبح أول كاتبة تنال الجائزة.
(طوق الحمام) حيث لا ألفة ولا ألَّاف
“رجاء العالم” كاتبة سعودية من مكة. بدأت النشر في الملحق الثقافي بجريدة الرياض، وتتنوع كتاباتها بين القصة، والرواية، والمسرح. نالت جوائز عديدة مثل “جائزة إبداع المرأة العربية” بمناسبة ستين عامًا على تأسيس اليونسكو سنة 2005، وجائزة “النادي الأدبي اللبناني” بباريس سنة 2008، وترجمت بعض أعمالها للإنجليزية والإسبانية.تبدأ الرواية بجريمة قتل؛ حيث يحقق “ناصر” للكشف عن هوية جثة مجهولة لامرأة وجدت في أحد أحياء مكة، بينما تتشعب تلك الحبكة البوليسية إلى مسارات عديدة من خلال الأدلة الموجودة أمام “ناصر” والتي تضع احتمالات لهوية الجثة المجهولة بين “عائشة” و”عزة” المختفيتين.بطل الرواية هو المكان؛ حيث تعرف “رجاء” مدينة مكة جيدًا، تصف الأحياء والأماكن بدقة، والشخصيات الكثيرة التي ترسمها “رجاء” تدور في فلك حي “أبو الروس” المكي؛ فهناك “يوسف” العاشق لـ”عزة” والمتعلم الوحيد في الحي، كذلك هو الملم بتاريخ وجغرافية المدينة، تلك المعرفة التي يعبر عنها في كتاباته حينما يصف التسابق المحموم بين رجال الأعمال للسيطرة على العقارات والأراضي حول الحرم المكي وطمس الهوية التاريخية للمكان:(أتجدنا نتعدّى على الوحي الذي وطّنته مكة، هذا الذي نحول مواقعه ورجاله إلى أسطورة بإبادة كل الأدلة الجغرافية التي تقود إليه؟ هولاكو طمس في نهر دجلة أحبار أجيال العلماء والباحثين ليخفف ثقل العباسيين وقبلهم الأمويين).وهناك من الشخصيات “حليمة” صانعة الشاي ووالدة “يوسف”، و”مزاحم” التاجر المهيمن على الحي ووالد “عزة”، و”التركية” صاحبة محل الخياطة والتي تدير علاقات مشبوهة مع رجال الأعمال، و”عائشة” التي تعرضت لحادث أودى بحياة أهلها وتركها قعيدة بعدما أصيبت بالشلل.في أحد الحوارات تُسأل “رجاء” عن تناولها لعوالم المخدرات والدعارة وتهريب السلاح في مدينة “مكة” بما لها من قدسية، فتجيب “رجاء” بأن مكة موقع ديني لا وجود للآدمي فيه لأنها مدينة ربانية، لكنها رغم ذلك مدينة البشر بمعاناتهم ونضالاهم اليومي من أجل الحياة، هذا ما أسعى لقوله في كتبي، لا أتحدث عن الفساد بل عن استغلال العمال عبر الشركات الكبرى المستثمِرة، كما هو حاصلٌ في كافة أنحاء المعمورة، ومكة كغيرها ليست محمية من ذلك.العالم كله مُلك هذه الشركات العملاقة التي تسعى باستمرار لزيادة أرباحها، والمال يُشكل أحد الجوانب أما الثاني فهو ذلك السحر والطاقة التي تتضاعف من خلال جموع الحجيج. وكل شيء يسير بالتوازي. أمرٌ لا يصدق! حتى أثناء شهر رمضان. يشعر المرء بهذه السلطة التجارية المهولة وفي قلبها تدور قوة روحية، ولا أحد يدري أيَّ القوتين سوف تنتصر في نهاية المطاف.في الجزء الثاني من الرواية تنتقل “رجاء” بالأحداث إلى إسبانيا حيث يبدو أنها تنخرط بالمرثيات بين الأمكنة الضائعة، بين إسبانيا المطلة بمجد عربي سابق ومكة التي لم تعد كما كانت، والتي تحكي “رجاء” أنها عرفتها من خلال حكايات الأب والأم. كما تحكي أنها حين بدأت كتابة روايتها كان منزل جدها قائمًا فوق أحد جبال مكة وحينما انتهت منها كان الجبل نفسه قد أزيل.في إسبانيا نلتقي بـ”نورة”، والتي نعرف أنها هي نفسها “عزة” المختفية، والتي تعيش في أحد فنادق إسبانيا مع رجلالأعمال “خالد الصبيحان” وهو نفسه مالك الشركة العملاقة التي تزيل أحياء مكة القديمة للحصول على الأراضي.  تستخدم “رجاء” العديد من الأشكال السردية؛ ما بين الرواية القائمة على لسان المكان/الحي حيث يفتتح “أبو الروس” الحكاية، ثم تنتقل إلى راوٍ عليم خارجي أو إلى لسان أحد الشخصيات، كما تستخدم الرسائل الإلكترونية لتمضي قدمًا في الحكاية، لكن ذلك لم يمنع الترهل السردي الذي أصاب الرواية الضخمة نسبيًا، أو الثغرات الموجودة في جنبات الحبكة البوليسية.الافتتاحية من خلال جثة امرأة مجهولة وتظل مجهولة طوال الأحداث قد تشير إلى اللاقيمة والتجاهل الذي تعاني منه المرأة العربية، بينما التشابك وعدم التمييز بين “عزة”، و”عائشة”، و”نورة” يشير إلى سحق الاختلافات الفردية بين النساء، فالمرأة ظل باهت في عيون المجتمع، تلك اللاقيمة التي تعبر عنها “رجاء” بسطحية ومباشرة وإعادة ليس لها مبرر في أماكن أخرى من الرواية وكان الأولى الاكتفاء بالإشارات:(بكل هذه القراءات والأحلام كبرنا نحن البنات على أن العالم يقوم على الحب الذي ينقذ البنت من الخنق… لأدرك الآن أنه يقوم على الجنس والطعام !)أو وصف “أبو الروس” للمرأة: (لم أعبأ في تاريخي بخصم أنثى لأنني أعرف أن النساء خلقن لكي يستسلمن للواقع، واقعي المزري)“طوق الحمام” بحث في متاهات النفس والعلاقات الاجتماعية من خلال ذاكرة المكان(فالكون يعج بالرسائل المتبادلة، في العالم الضوئي تكسرت الحدود، لأناس من أرجاء الأرض في بحثٍ مُضنٍ عن الحب، لتبادل ضحكة أو رفقة خفيفة).

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
24°
36°
Sun
34°
Mon
الافتتاحية