بعد اتخاذ جملة من الاجراءات التي كان الغرض منها الاصلاح، لم يظهر لتلك الاجراءات اي اثر ملموس على الواقع، وبقيت الامور تسير الى متاهات صعبة ،حتى اتخذت المرجعية الدينية العليا موقفاً قوياً من القوى السياسية، وفضلت عدم تناول الشأن السياسي الا اذا اقتضت الضرورة وظهرت مستجدات جديدة ،وفي خضم ذلك تم طرح فكرة اجراء تغيير وزاري ،وتلقته الكتل السياسية من الاعلام الذي تحول بعد ذلك الى عزم اكيد لاجراء تغيير وزاري بمستويات التغيير والاستبدال، ولربما الترشيق ،وبغض النظر عن موقف الكتل السياسية التي هي داعمة بالتأكيد لهذا التوجه شريطة ان يكون على وفق رؤية واضحة وآليات مقنعة وبرنامج عملي واقعي ،فان دعوة التغيير تحمل في طياتها الكثير من علامات الاستفهام التي تتطلب توضيحا للمواطن ،فيا ترى ماذا بعد التغيير المرتقب، هل سيحقق الغاية المرجوة منه؟ ويحل مشاكل البلاد؟ وهل العلة في الشخوص او في غياب الرؤية والادارة الناجحة؟ فالمواطن لا يريد ان يعطي وقتاً اضافيا من دون ان يحصل على ضمانات بان القادم افضل، ولا يريد ان يدخل في متاهات لا تؤدي الى الطريق الصحيح ،فالحكومة الحالية ولدت بعد مخاض عسير ،ورافقتها الكثير من المواقف حتى استطاع الشركاء ايجادها بتوليفة شملت الجميع، فالكتل السياسية اعطت مالديها وتركت الامر لرئاسة الحكومة لاطلاق البرنامج الذي تعهدت العمل في ضوئه ،وتوفر لها مناخ كبير من دعم واسع شمل الداخل والخارج، ولكن بقيت الاجراءات تسير ببطئ شديد مع غياب واضح للرؤية ،واذا كان الحديث عن تغيير من اجل الدفع بالامور الى الامام والابتعاد عن المحاصصة الحزبية كان من الاولى البدء في اسناد تلك المناصب التي تدار بالوكالة الى شخصيات كفوءة ونزيهة ومن ذوي الاختصاص، لكي تكون الخطوة الاولى ،فكيف يتم الحديث عن تغيير شامل من دون اصلاح تلك المناصب واشغالها بمن يستحقها، لذلك العمل بروحية الفريق الواحد من خلال طاولة الحوار يمكن ان يؤدي الى حلول لكل المشاكل التي تواجه البلاد.