من المسلمات عند جميع دول العالم ان البناء السليم يبدأ من وضع اسس بناء المجتمع ،والمتمثل بالانسان واهم ما يحتاجه الانسان هو الصحة والتعليم، وهذان الملفان لابد ان يكونا في مقدمة اولويات الدولة في الاصلاح، اما ان تلجأ بعض الاجراءات الى التاثير عليهما ،او( اصلاحهما) من وجهة نظر خاطئة ،ولا تستوعب تفاصيل النظام الذي تسير عليها هذه الملفات،فهذا قطعا سيؤدي الى انهيارهذه المؤسسات ، فالامور ليست متعلقة بالجانب المادي بقدر تعلق الامور بالتمسك بالنظام وتفاصيل القانون، الذي بدونه تتحول المستشفيات والجامعات الى دوائر ويتحول الاستاذ والطبيب والقاضي والمهندس ،الى موظف اداري عادي بسبب سلب الروح من مهنته ،بعد التدخل في نظام عمله ،فليس الحضور هو من يحدد العمل ،وانما نوعية العمل، فقد يحضر الطبيب والاستاذ والقاضي الى العمل و قد يزاول نشاطه ولكن كيف في ظل غياب النظام والتعليمات بعد الغاء القوانين المنظمة للعمل، واذا تم فرض الحضور العملي فقد يحضر ويباشر عمله بروح منكسرة، ولا يرتقي عمله الى مستوى الطموح ،لانه لازال الى اليوم يطالب بانصافه ،لعدم توفير مستلزمات الحياة اليومية له والخدمات الاساسية التي هي معدومة ،لذلك لا يمكن لاحد خارج عن تفاصيل عمل الاختصاصات ان يحدد مصيرها ،ويلجمها بقرارات تخالف الدستور والقانون، فصرح التعليم مهم لبناء الوطن والانسان، وصرح الصحة مهم لبناء الحياة ،وصرح القضاء مهم لبناء الدولة، فلماذا يتم التفرقة بين هذه القطاعات ،واهمال التعليم ونبذه مع ان الجامعات اساس البناء في كل بلد، ثم ان كل خطوة غير صحيحة من مهمة المواطن الصالح الاشارة اليها، وتسجيل الملاحظات عليها ،وكل خطوة صحيحة يجب دعمها وتشجيعها وتأييدها ،فاصلاح سلم الرواتب خطوة باتجاه تحقيق العدالة ،ولكن ليس على حساب طبقات اخرى او ان ياتي لاستهداف شريحة دون اخرى، فالدرجات الوظيفية الصغيرة التي يقال انه تم دعمها تعرضت للحيف والغبن فما قيمة ان يتم منح موظف 30 الف دينار على راتبه الاسمي والغاء 30% من مخصصاته ؟! ، بدلالة ان مجلس الوزراء لا يريد احالته للبرلمان، لانه سيكشف عيوبه ،وهذا مالم تطلبه المرجعية العليا التي دعت الى احقاق الحق وتحقيق العدالة الاجتماعية، فهل من العدل قطع تام لمخصصات تم سنها بقانون كتبه خبراء ينظم العمل ويحدد اتجاهاته، مع ان المرجعية الدينية اكدت على ضرورة ان تكون كل خطوة قانونية ودستورية وهي بمحل الفتوى ،فهل الغاء القوانين بقرارات دستورية وقانونية؟! وهل حقق السلم الجديد العدالة المرجوة، والمظاهرات تعم البلاد بعد تسريب الياته وفقراته، ان فئات اخرى قد زاد احتقانها بسبب الاجراءات الجديدة، والسلم الجديد لم يترك اثرا في ما يظن انهم المستفيدون ،لانها جاءت طفيفة جدا ،لذلك يجب مراجعته واعادته للبرلمان حتى لا يتعرض للطعن، فما فائدة قرار يتم تطبيقه ويعلم صاحبه انه سيتعرض للطعن؟ فكل الشعب يدعم الخطوات الاصلاحية ،ولكن شريطة ان تكون جذرية وحقيقية وذات غطاء قانوني ودستوري لانه يريد بناء دولة المؤسسات.