اصداء..منافذ واقعية

القراءة الصحيحة والمتأنية للإحداث وللوقائع ، بلاشك تعطي رؤية شاملة للمستقبل من خلال معطيات تلك القراءة الصحيحة ، أما عدم الفهم أو الإدراك فينبع من ذلك التخبط أو النظرة السطحية أو الجري وراء الصخب الإعلامي وهيجانه الهستيري في محاولة لاستدراج عواطف الناس من دون إعطاء الواقعيات، فالبلد يواجه تحدياً اقتصادياً جراء انخفاض أسعار النفط وانعكاس ذلك على موازنة البلد التي تعتمد على واردات النفط ، فتخضع إليها ارتفاعاً وانخفاضاً . فهي مرهونة بتلك الفرضية وليست مرهونة برؤية أو ثابت اقتصادي يحدد مسار الموازنة مما يتطلب البحث عن موارد أخرى لتعزيز وتعضيد الموازنة . سواء عن طريق الاستثمار أم عن طريق الضرائب أو أي منافذ أخرى . والجميع رأى البرلمان وسمعه يؤكد أن رواتب الموظفين والمتقاعدين خط احمر وكانوا ينتقدون الحكومة عندما لجأت إلى تخفيض رواتب موظفي الدولة وفي الموازنة العامة للعام المقبل أدخل البرلمان فقرة تنص على استقطاع (3%) من رواتب الموظفين والمتقاعدين ، وبغض النظر عن أسباب ذلك وأين تذهب ، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه مستغرباً ومشدوهاً ومتسائلاً .
فبالأمس أحدثت الحكومة ضجة كبرى فيما يسمى بسلم الرواتب الجديد واستقطعت من درجات وأعطت لدرجات أخرى بحجة تحقيق العدالة الاجتماعية ، وعلى الرغم من كل الملاحظات التي قيلت في السلم الجديد فإن لجوء البرلمان إلى فرض نسبة استقطاع جديدة معناه انتفاء الزيادة على الدرجات الدنيا التي أقدمت عليه الحكومة ،لان الاستقطاع سيشملها ،فلربما ترجع الى ماكانت  عليه ، يضاف الى ذلك ان الدرجات الاخرى سيشملها استقطاعان ، الأول حكومي والثاني برلماني . فهل عجز البرلمان والحكومة عن إيجاد بدلائل ومنافذ أخرى ولم يكن أمامهم سوى الراتب الذي أصبح هدفاً لكل شيء ، ضرائب، استقطاعات، تمويل ، تعضيد ، تسليح ،بمعنى أن مشكلة البلد انحصرت فيه فقط ، وكأن كل تخفيض يصيبه سوف يحل مشكلة كبيرة ، ان مشكلة البلد اكبر، ومقدمة حلولها إلغاء النفقات غير الضرورية وإلغاء المنافع الاجتماعية وتفعيل الاستثمار والتقليل من قبضة الدولة على كل شيء من اجل إيجاد موازنة رشيقة وواقعية.

blog comments powered by Disqus